وعينه لمقاتلة الْأَمِير فَخر الدّين بن معن وَقد كَانَ خرج عَن طَاعَة السلطنة وَجَاوَزَ الْحَد فِي الطغيان وَأخذ كثيرا من القلاع من ضواحي دمشق وَتصرف فِي ثَلَاثِينَ حصنا وَجمع من طَائِفَة السكبان جمعا عَظِيما وَبِالْجُمْلَةِ فقد بلغ مبلغا لم يبْق وَرَاءه إِلَّا دَعْوَى السلطنة وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره تعين لمقاتلته الْحَافِظ الْمَار ذكره فَلم يُقَابله وهرب إِلَى بِلَاد الفرنج كَمَا سلف الْإِيمَاء إِلَيْهِ وَلما عَاد أفرط فِيمَا كَانَ يرتكبه إِلَى أَن تعين لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة وَأمر كافل حلب نوالي باشا وَجَمِيع أُمَرَاء أَطْرَاف الشَّام كطرابلس وغزة والقدس ونابلس واللجون وعجلون وحمص وحماه أَن يَكُونُوا تبعا لَهُ وَهُوَ رئيسهم فَبعد قدومه إِلَى دمشق جمع أَعْيَان الْعلمَاء وكبراء الْعَسْكَر وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْأَوَامِر السُّلْطَانِيَّة فقابلوها بِالطَّاعَةِ وَبَادرُوا إِلَى مهمات تدارك السّفر وَأخذت أُمَرَاء الْأَطْرَاف يردون وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى أَن قدم نَائِب حلب فبرز بِمن مَعَه من الْعَسْكَر فِي ثَانِي عشر صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقد كَانَ جدد الْمحمل الشريف فأطلعه أَمَامه وَأقَام بِالْقربِ من قَرْيَة الْكسْوَة بِأول الجسور أَيَّامًا قَليلَة إِلَى أَن تَكَامل جمع الجموع وَرجل لى قره خَان ثمَّ عين شرذمة من الْعَسْكَر لمنازلة بني الشهَاب الَّذين يسكنون وَادي تيم الله بن ثَعْلَبَة وهم منبع الشقاوة فَسَار كتخداه وَمَعَهُ بعض الْأُمَرَاء إِلَى جَانب حاصبيا وريشيا فاتفق من ألطاف الله أَن الْأَمِير على بن فَخر الدّين بن معن أَمِير صفد كَانَ مُتَوَجها لناحية وَالِده لمساعدته فَالتقى العسكران عِنْد صَلَاة الصُّبْح فانقضت فرقة الْعَسْكَر السلطاني انقضاض النسور على أَضْعَف الطُّيُور فمزقوهم بدداً وفرشوا الفضا بجثث الْقَتْلَى وَلم يعلم أحد أَن الْأَمِير عَليّ بَينهم وَلَو علمُوا لما ثَبت أحد لكبر صيته وَكَانَ من الِاتِّفَاق العجيب أَن بعض الشجعان صادفه فطعنه بِرُمْح رَمَاه عَن جَوَاده مَا عرفه فَأَتَاهُ رجل من الْجند وَكَانَ خدم الْأَمِير عَليّ فِي مبدئه فَنزل إِلَيْهِ ليحز رَأسه فَعرفهُ الْأَمِير عَليّ فَقَالَ لَهُ خلصني وَلَك عَليّ من المَال مَا تُرِيدُ فَقَالَ لَهُ إِن بَقَاءَك بعد هَذِه الْجراح محَال ثمَّ قطع رَأسه وأتى إِلَى مخيم الْوَزير فَدخل عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِم فَنَبَّهَهُ خدمه الموكلون بِهِ وَلما أَفَاق قبل يَدَيْهِ وَوضع الرَّأْس قدامه وَقَالَ لَهُ هَذَا رَأس رَئِيس الْقَوْم فَلم يصدقهُ حَتَّى جَاءَ من عرفه وحقق لَهُ الْأَمر فَضربت البشائر وَكَانَ الْعَسْكَر الَّذين تلاقوا مَعَ عَسْكَر الْأَمِير عَليّ انتصروا وغنموا غنيمَة عَظِيمَة وَقتلُوا وأسروا وَلم ينج من أَيْديهم إِلَّا شرذمة قَليلَة وَأرْسل أَحْمد باشا رَأس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015