الغلاء فيهم وهرب غالبهم ثمَّ بعد ذَلِك اجْتمع الْعَسْكَر وَرَجَمُوا الْحَافِظ وطلبوا مِنْهُ أَن يقوم بالعساكر عَن الْحصار ويرجعوا إِلَى أوطانهم فَقَالَ اصْبِرُوا عَليّ أسبوعاً فصبروا أسبوعين ثمَّ جاؤا فَلم يزل يواعدهم حَتَّى اجْتَمعُوا عَلَيْهِ وَوَضَعُوا فِي عُنُقه مُحرمَة وجذبوه حَتَّى قَامَ من مَكَانَهُ وَشرع فِي الرحيل وَكَانَ عِنْده بعض مكاحل دَفنهَا فِي الأَرْض وَلم يعلم بذلك أحد إِلَّا شرذمة قَليلَة فَجرد بالمكاحل فَتَبِعهُمْ الشاه وَأَرَادَ الْعَسْكَر أَن يعجلوا فِي الرُّجُوع فَنَادَى كل من فَارق الْوَزير وَخرج عَن خيامه تخرج عَنهُ علوفته فَتَبِعهُمْ الشاه مرحلة مرحلة وَأَرَادَ الهجوم عَلَيْهِم فَلم يبالوا بِهِ وجمعهم الْحَافِظ وَتوجه إِلَى الشاه وقاتله حَتَّى رَجَعَ الشاه من خَوفه وَبعد يَوْمَيْنِ أحضر إِلَيْهِ مُرَاد باشا وَقَالَ لَهُ ألم أقل لَك لَا تركب حَتَّى كسرت العساكر وأظهرت الصيت الْقَبِيح لنا وَقَتله فِي الْحَال بَين خيامه وَأرْسل جثته إِلَى جماعته وَجَاء الْحَافِظ إِلَى حلب فَبعث الْهَدَايَا والتحف إِلَى السُّلْطَان وجماعته واسترضى السُّلْطَان وجماعته حَتَّى لَا يقتل لكنه عزل وَنزل بقسطنطينية خَائفًا مختفياً وَتَوَلَّى الوزارة بعده خَلِيل باشا وَبعده خسرو باشا ثمَّ تولاها الْحَافِظ صَاحب التَّرْجَمَة ثَانِيًا وَكَانَ للعساكر الطغيان الْعَظِيم فَاجْتمع عَلَيْهِ العساكر وقتلوه وَكَانَ السُّلْطَان خَيره بَين أَن يقْتله هُوَ بِنَفسِهِ وَيبْعَث بِرَأْسِهِ إِلَيْهِم ليطفي نَار غضبهم وَبَين أَن يُمكن العساكر مِنْهُ فَقَالَ الأولى أَن تسلمني للعساكر وَلَا تتقلد دمي ليبقى الْإِثْم فِي عنق الْعَسْكَر وَيكون لي فِي الْقِيَامَة الْمُطَالبَة الْكُبْرَى وَكَانَ قَتله فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
أَحْمد باشا الْوَزير الْكَبِير الْمَعْرُوف بكوجك أَحْمد الأرنودي أحد الوزراء الْمَشْهُورين بالشجاعة وَشدَّة الْبَأْس وَحسن التَّدْبِير وَكَانَ عَارِفًا بأحوال الحروب وَله طالع سعيد ورأي سديد وَكَانَ فِي مبدأ أمره خامل الذّكر ثمَّ نَهَضَ بِهِ الْحَظ حَتَّى صَار بكلر بكيا وَتَوَلَّى حُكُومَة سيواس ثمَّ ورد دمشق حَاكما بهَا أَولا فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَألف بَعْدَمَا عزل عَنْهَا ولي حُكُومَة كوتاهيه فنجم فِي بِلَاد الرّوم الياس باشا وَأظْهر العقوق للدولة العثمانية فعين السُّلْطَان مُرَاد صَاحب التَّرْجَمَة لمحاربته مَعَ جملَة من العساكر فَسَار إِلَيْهِ وقابله وفتك بِهِ فتكة بَالِغَة وأسره وغنم مِنْهُ غَنَائِم كَثِيرَة وَعَاد بِهِ إِلَى الْأَبْوَاب الْعَالِيَة فَأكْرمه السُّلْطَان لذَلِك وفوض إِلَيْهِ ثَانِيًا كَفَالَة دمشق وَكَانَ ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف وخلع عَلَيْهِ خلعة الوزارة