من الملحمة بنسخ مُتعَدِّدَة وَكَانَت النُّسْخَة الَّتِى أرادها لم تخرج بعد فَكَانَ يشخصها بأسطرها وورقها ثمَّ ظفرنا بهَا على طبق مَا شخصها وَكَانَ من الذكاء فى مرتبَة لم تسمع عَن أحد حَتَّى انه جَاءَهُ يَوْمًا رجل بأسطرلاب عَلَيْهِ كِتَابَة لِسَان الارمنى وَكَانَ عرضه على اناس مِمَّن يعرف ذَلِك اللِّسَان فَلم يستخرجوا الْكِتَابَة وَكَانَ الاستاذ صَاحب التَّرْجَمَة لم يعرف مصطلح كِتَابَة الارمنى فاستملى من شخص نصرانى مقطعات حُرُوفه وَمَا زَالَ يعْمل فكرته حَتَّى استخرج الْكِتَابَة بِقُوَّة رَأْيه وَسلمهَا لَهُ أَرْبَاب ذَلِك اللِّسَان وَكَانَت الْكِتَابَة تَارِيخ عمل الاسطرلاب وَله من هَذِه الخوارق فى الحدس أَشْيَاء كَثِيرَة ولد بغلبه وَتقدم أَن وَالِده ولى قضاءها مُدَّة خمس وَأَرْبَعين سنة وَتوفى أَبوهُ وَهُوَ ابْن سبع سِنِين فَأحْضرهُ اليه عَمه شيخ الاسلام يحيى وتقيد بِحِفْظ هَذَا الدّرّ الْيَتِيم وَكَانَ عِنْده وَعند زَوجته أعز من كل أحد فانهما مَا رزقا ولدا وَكَانَ عَمه يطْلب لَهُ الدُّعَاء من كل من يدْخل اليه وَيرد من أهالى الْبِلَاد عَلَيْهِ لَا سِيمَا من أهالى الْحَرَمَيْنِ الشريفين ثمَّ شرع فى الِاشْتِغَال فَقَرَأَ أَولا على الاستاذ السَّيِّد مُحَمَّد نزيل قسطنطينية ثمَّ على حَامِد بن مصطفى الاقسرابى وعَلى الْعَلامَة أَحْمد الشهير بدرس عَام وعَلى الْمولى حسن الطَّوِيل قاضى الْعَسْكَر باناطولى رُتْبَة ثمَّ لزم الْمولى مُحَمَّد الكردى الشهير بمنلا حلبى وعَلى الملا عبد الله وَتخرج فى الادب على عَمه سُلْطَان الْعلمَاء وَالشعرَاء وَكَانَ فى عنفوان عمره يعرض عَلَيْهِ لطائف أشعاره فيصلح مَا فِيهَا وتخلص أَولا بشيخى ثمَّ بعزتى واشتهر كَمَاله من حِين كَانَ ولدا وَكَانَ السُّلْطَان مُرَاد يسْأَل عَمه عَنهُ كثيرا وَيُرْسل لَهُ العطايا الطائلة وَلَقَد ذكر والدى بوأه الله تَعَالَى فسيح جنانه انه استدعاه السُّلْطَان مُرَاد وَأَعْطَاهُ فى يَده بعض دَنَانِير فَفَاضَتْ عَن يَده وَسقط مِنْهَا الى الارض جَانب فَلم يلْتَفت الى مَا سقط فَعجب السُّلْطَان من نزاهته ثمَّ لَازم على دأبهم من السُّلْطَان ابراهيم فى أَوَائِل شَوَّال سنة احدى وَخمسين وَمَات عَمه بعد ذَلِك فاستقر فى دَاره وانضمت اليه حواشى عَمه من الصُّدُور وَحكى أَنه لما عَاد من جَنَازَة عَمه الى دَاره وَمَعَهُ حفدة عَمه صحبهم السَّيِّد مُحَمَّد نقيب الاشراف فَلَمَّا أَتَوا الدَّار أَخذ المخدوم صَاحب التَّرْجَمَة الى صَدره وضمه وَقبل رَأسه وَأَجْلسهُ مَكَان عَمه وكساه الله تَعَالَى فى ذَلِك الْوَقْت ثوب الْوَقار والسكون والهيبة وَكَانَ عمره يَوْمئِذٍ ثَمَان عشرَة سنة فَأَقَامَ بدار عَمه وَورثه وحفته جمَاعَة عَمه كالمولى مُحَمَّد عصمتى وَالْمولى مُحَمَّد العجمى ثمَّ اتَّصل بكريمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015