وانتفع بِهِ جمَاعَة وَمن أجل من أَخذ عَنهُ الامام الْهمام مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المغربى نزيل الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَشَيخنَا الشَّيْخ رَمَضَان بن مُوسَى بن عطيف وَشَيخنَا الشَّيْخ أَبُو الْمَوَاهِب الحنبلى وَشَيخنَا الشَّيْخ عبد الحى العكرى وَغَيرهم وَكَانَت تصدر لَهُ مجَالِس تُؤثر عَنهُ وَيحدث عَن عظم وقعها فى النُّفُوس فَمن ذَلِك أَنه خرج يَوْمًا الى منتزه يسفر عَن محياه وينفتق عَن طيب رياه فقرئ بَين يَدَيْهِ مَا غنته نعم الْجَارِيَة بَين يَدي الْمَأْمُون وَهُوَ

(وَلَقَد أَخَذْتُم من فؤادى انسة أَنه ... لَا شل ربى كف ذَاك الْآخِذ)

(وَزَعَمت أَنى ظَالِم فهجرتنى ... ورميت فى قلبى بِسَهْم نَافِذ)

(وَنعم هجرتك فاغفرى وتجاوزى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)

(هَذَا مقَام فَتى أضرّ بِهِ الْهوى ... قرح الجفون بِحسن وَجهك لائذ)

قلت وقصة هَذِه الابيات ذكرهَا ابْن خلكان وَقَالَ انه استعادها الْمَأْمُون الصَّوْت ثَلَاث مَرَّات وَكَانَ بِحَضْرَتِهِ اليزيدى فَقَالَ لَهُ يَا يزيدى أَيكُون شئ أحسن مِمَّا نَحن فِيهِ قَالَ قلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مَا هُوَ فَقلت الشُّكْر لمن خولك هَذِه النعم الْعَظِيمَة الجليلة فَقَالَ أَحْسَنت وصدقت ووصلنى وَأمر بِمِائَة ألف دِرْهَم يتَصَدَّق بهَا فكانى أنظر الى الْبَدْر وَقد أخرجت وَالْمَال يفرق انْتهى فَلَمَّا قُرِئت أنْشد النَّقِيب صَاحب التَّرْجَمَة لنَفسِهِ مضمنا لمصراع هَذَا مقَام المستجير العائذ فَقَالَ

(نقل العذول بأننى أفنيت مَا ... أخْفى الْحفاظ من الغرام الواقذ)

(هبنى اقترفت لما افترى فاغفره لى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)

وَأنْشد أَيْضا قَوْله

(نبذا الخليط مودتى حَيْثُ العدا ... حولى يروعنى بهجر النابذ)

(فَسَأَلته الرجعى وَقلت دع القلى ... هَذَا مقَام المستجير العائذ)

ثمَّ أَشَارَ لاولاده وَمن فى مَجْلِسه من أحفاده بِأَن يضمن كل مِنْهُم هَذَا المصراع وينظم مَا يُنَاسِبه على وَجه الِاتِّبَاع وَمَا قَصده الاسبر قرائحهم واختبار سافلهم وراجحهم فَانْتدبَ وَلَده النّدب السَّيِّد عبد الرَّحْمَن فَقَالَ

(نبذا العهود مغاضبى فألم بى ... فى صُورَة الاشفاق طيف النابذ)

(فَسَأَلته أَن لَا يفوه بِمَا جرى ... فيحيله عَنى بقول نَافِذ)

(فَمضى ونم على فِيمَا قلته ... فاتى يهددنى بِسيف شاحذ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015