ثمَّ عظم الامر بَين ابْن المنقار والداودى وَلَا زَالَ يبلغهُ غليظ مَا يكره حَتَّى قَالَ فِيهِ الداودى قصيدة رائية أَولهَا

(يَا سخطَة من عَظِيم الْقَهْر جَبَّار ... حلى بِسَاحَة من يدعى ابْن منقار)

مِنْهَا

(يصفر من حسد حَتَّى كَأَن بِهِ ... ربعا قديمَة عهد ذَات أدوار)

(ويعتريه اضْطِرَاب فى مفاصله ... كَأَن أفكل فى أَعْضَائِهِ سَار)

وَرَأَيْت بِخَط الطارانى قَالَ وَمن أعجب مَا وَقع لى مَعَه أننى مدحته بقصيدة سيمية بديعة أَولهَا

(سقى مربع الاحباب ودق الغمائم ... وجادت عَلَيْهِ هاطلات السواجم)

وَبَيت المخلص

(سفرن بدورا عَن محيا كَأَنَّهُ ... سنا نور شمس الدّين عين الاكارم)

فَمَا كَانَت جائزتى مِنْهُ غير الذَّم والمقابلة بِمَا لَا يَلِيق وقصة حطه على النَّجْم الغزى مَشْهُور وملخصها كَمَا قَالَ النَّجْم فى تَرْجَمته كَانَ يعظ وَيقْرَأ الحَدِيث فى الْجَامِع وَكَانَت الشَّمْس كسفت وَصلى الشهَاب العيثاوى اماما بِالنَّاسِ صَلَاة الْكُسُوف بمحراب الشَّافِعِيَّة ثمَّ حضر الشّرف الْحَكِيم الْخَطِيب بالجامع وَصلى وَحضر ابْن المنقار وَلما فرغ النَّاس من الصَّلَاة أَخذ فى الانكار على العيثاوى والنجم فى الصَّلَاة وَعطف عَلَيْهِ انه علم النَّجْم وَقواهُ على النّظم والتدريس فَاجْتمع بِهِ العيثاوى والنجم فَلَمَّا تكالموا ثارت الْعَوام عَلَيْهِ وألجأوه حَتَّى خرج من بَاب الْبَرِيد حافيا وَهُوَ بعمامة صَغِيرَة غير عمَامَته الْمُعْتَادَة وهم يصيحون بِهِ ثمَّ آل الامر أَن عقد لَهُ مجْلِس عِنْد قاضى الْقُضَاة مصطفى بن بُسْتَان وَحضر جمَاعَة من أَعْيَان الْعلمَاء مِنْهُم الْجد القاضى محب الدّين والشهاب العيثاوى فأصلحوا بَينهمَا ثمَّ طلبُوا المناظرة بَينهمَا فتناظرا فى عبارَة من تَفْسِير البيضاوى وَكَانَت الْغَلَبَة للنجم وَألف العيثاوى رِسَالَة حافلة فِيمَا وَقع بَينهمَا وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم قد ظَهرت نُجُوم السَّمَاء نَهَارا لقُوَّة الْكُسُوف فَقَالَ بعض الادباء مصراعا أَجَاد فِيهِ وَهُوَ قَوْله وَعند كسوف الشَّمْس قد ظهر النَّجْم فسبكه النَّجْم فى أَبْيَات هى قَوْله

(بعام ثَمَان بعد تسعين حجَّة ... وتعمى مرت جرى الامر وَالْحكم)

(بَان حضر الشَّمْس ابْن منقار الذى ... تحرى جد الا حِين زايله الحزم)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015