عَن اطالة التراجم بقوله فى أَوله وَكنت أردْت ان أترجم كل شَاعِر مِنْهُم عِنْد ايرادى لشعره وأتكلم فى حَقه هُنَاكَ بِمَا عساه أَن لَا يتَعَدَّى بِهِ طوره بل يوقفه عِنْد قدره وَذَلِكَ بعد رِعَايَة الْمُطَابقَة لمقْتَضى الْحَال وحسبما يثبت دَعْوَى فَضله عِنْد حَاكم الْعقل من شُهُود الْمقَال فاخترت وقتا بعد جمع هَذِه القصائد حررت فِيهِ الطالع وَالْغَارِب وضبطت غب اطلاعى على الفرائد مِنْهَا والفوائد مقامات الجوزهرات ومقدمات الْكَوَاكِب ثمَّ نظرت نظرة فى النُّجُوم واستخرجت الْمَجْهُول مِنْهَا من الْمَعْلُوم فَظهر لى انه لَا شئ أدل من شعر الْمَرْء على عقله وَلَا أصدق من ذَلِك الطل على وبله كَمَا قيل
(وانما الشّعْر لب الْمَرْء يعرضه ... على الانام فان كيسا وان حمقا)
فاكتفينا فى الدّلَالَة على فضائله بذلك الْمِقْدَار وناهيك مِنْهُ بِدلَالَة النُّور على النُّور وَالشَّمْس على النَّهَار انْتهى وَمِمَّا أورد فى كِتَابه الْمَذْكُور من أشعاره الغضة الشهية قَوْله من قصيدة مطْلعهَا
(مَا هبت الرّيح برِيح الرند ... الا أثارت سَاكِنا من وجدى)
(وَمَا بدا رعد الْحمى الاهمى ... دمعى دَمًا مخددا للخد)
(وان تلح بارقة جاوبها ... من خفقان الْقلب أى رعد)
(أَواه واشوقاه هَل من حِيلَة ... الى لقاكم يَا أهيل ودى)
(غادر تمونى نازحا وَالْقلب منى خافقا مثل سُهَيْل الْفَرد ... )
(بأى حكم زمن وَلم أحل ... عَن عقد عهدكم نقضتم عهدى)
(بَين الْهوى وَالْقلب حَرْب داحس ... وَالسّلم بَين مقلتى والسهد)
(من أجل ظبى مهجتى كاسه ... وَلَيْسَ حظى مِنْهُ غير الصد)
(كَالْمَاءِ رق جِسْمه لكنه ... يحمل قلبا قاسيا كالصلد)
(أَمِير حسن مَاله جماله ... وَحَوله عشاقه كالجند)
(ان سل سيف غنجه من جفْنه ... قَالَ لَهُ قلبى مقَام الغمد)
(أخرنى على علو رتبتى ... كَأَنَّهُ يرقمنى بالهندى)
(ينصف غيرى غير أَنه يرى الانصاف ان يقتلنى بالعمد ... )
(قد قلد ابْن البارزى ردفه ... وخده يُقَلّد ابْن الوردى)
(نفسى وَمن تَحت السَّمَاء لَهُ الغدا ... فان أَبَوا فبى حبيبى وحدى)