(شَأْنهَا فى محبها فتها الاكباد من رائس وَمن مرؤس ... )

(رب قلب قد تاه فِيهَا فَلم يدر حسيسا وَلم يمل للمسيس ... )

(ظلّ فِيهَا فى جحفل من سرُور ... وخميس يلقى الاسى بخميس)

(كلما أسفرت لَهُ عَن نقاب ... وفنى فى فنائه المأنوس)

(أشرقت من وَرَاء ذَاك لعينيه بمغنى حسن الْجمال النفيس ... )

(فطوى كشحه على غصص الوجد تقى بَين طامع ويؤوس ... )

قلت تذكرت بمطلع هَذِه القصيدة وصدرها مَا حَكَاهُ الْعَلامَة الْبَهَاء فى كشكوله وَهُوَ أَن تَاجِرًا من تجار نيسابور أودع جَارِيَة عِنْد الشَّيْخ أَبى عُثْمَان الحميرى فَوَقع نظر الشَّيْخ عَلَيْهَا فعشقها وشغف بهَا فَكتب الى شَيْخه أَبى حَفْص الْحداد بِالْحَال فَأَجَابَهُ بالامر بِالسَّفرِ الى الرى لصحبة الشَّيْخ يُوسُف فَلَمَّا وصل الى الرى وَسَأَلَ النَّاس عَن منزل الشَّيْخ يُوسُف أَكْثرُوا من ملامته وَقَالُوا كَيفَ يسْأَل تقى مثلك عَن بَيت شقى فَاسق مثله فَرجع الى نيسابور وقص على شَيْخه فَأمره بِالْعودِ الى الرى وملاقاة الشَّيْخ يُوسُف الْمَذْكُور فسافر مرّة ثَانِيَة الى الرى وَسَأَلَ عَن منزل الشَّيْخ يُوسُف وَلم يبال بذم النَّاس لَهُ وازدرائهم بِهِ فَقيل لَهُ انه فى محلّة الْخمار فَأتى اليه وَسلم عَلَيْهِ فَرد عَلَيْهِ السَّلَام وعظمه وَرَأى الى جَانِبه صَبيا بارع الْجمال والى جَانِبه الآخر زجاجة مَمْلُوءَة من شئ كَأَنَّهُ الْخمر بِعَيْنِه فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو عُثْمَان مَا هَذَا الْمنزل فى هَذِه الْمحلة فَقَالَ ان ظَالِما شرى بيُوت أصحابى وصيرها خمارة وَلم يحْتَج الى بيتى فَقَالَ مَا هَذَا الْغُلَام وَمَا هَذِه الْخمْرَة فَقَالَ أما الْغُلَام فولدى من صلبى وَأما الزجاجة فَحل فَقَالَ وَلم توقع نَفسك فى مقَام التُّهْمَة بَين النَّاس فَقَالَ لِئَلَّا يعتقدوا انى ثِقَة أَمِين فيستودعونى جواريهم فأبتلى بحبهن فَبكى أَبُو عُثْمَان بكاء شَدِيدا وَعلم قصد شَيْخه انْتهى وبهذه الْحِكَايَة يظْهر معنى صدر هَذِه القصيدة وَيحصل الْجمع بَين مَا فى ظَاهرهَا من الْمَدْح والقدح رَجَعَ وَمن شعر صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ مُخْتَار من قصيدة لَهُ

(أتعذل فى لمياء والعذر أليق ... تعشقتها جهلا وَذُو اللب يعشق)

(وَلَا عَيْش الا مَا الصبابة شطره ... وَصَوت المثانى والسلاف الْمُعْتق)

(وجوبك أجواز الموامى مشمرا ... الى الْمجد يطويها عذافر معنق)

(وان تتهاداك النعائم معلما ... تضلك أَو تهديك بيداء سملق)

(وان ترد المَاء الذى شطره دم ... فتسعى برأى ابْن الْحُسَيْن وترزق)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015