الى يَوْمنَا هَذَا وَنَشَأ مُحَمَّد هَذَا ودأب فى التَّحْصِيل حَتَّى برع قَالَ والدى رَحمَه الله تَعَالَى فى تَرْجَمته ثمَّ نبذ بالقاق وَولى النِّيَابَة بنواحى دمشق وَمِنْهَا جُبَّة عَسَّال قلت واياها عَنى الامير المنجكى فِيمَا كتب بِهِ الى قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق وَابْن الحسام يتشفع لَهُ بِتِلْكَ النَّاحِيَة

(عَبدك القاق يشبه السعدى ... نتفت ريشه يَد الْبرد)

(جد عَلَيْهِ بجبة كرما ... نَاحيَة تِلْكَ لَا كسا الْبرد)

ثمَّ ولى نيابات المحاكم بِدِمَشْق كالصالحية والميدان والعونى وَكَانَت هَذَا الاخيرة أعظم مَطْلُوبه وَكَانَ ظرفاء الادباء يجعلونها مدارا لنكاتهم اذا قصدوه وَذَلِكَ لَان بِالْقربِ مِنْهَا جَامعا يُقَال لَهُ الجوزة فَكَانَ مِمَّا يُقَال فِيهِ القاق فى الجوزة للعونى تعا ثمَّ سَافر الى الرّوم وَأقَام بهَا مُدَّة ولازم سلك طَرِيق القضا بَعْدَمَا طَار غراب شبابه وَمضى وانفصل عَن قَضَاء حمص بعد مَا ضَبطهَا مُدَّة قَليلَة من الزَّمَان وفى الْمثل كل طير خَارج عَن لغاته لحان وَقد قيل أَرَادَ الْغُرَاب أَن يمشى مشْيَة الحجلة فنسى مشيته الاولى وَلم يصب مشيتهَا فأظهر خجله وَكَانَ كَمَا فى الْمثل الْمَشْهُور أخف حلما من العصفور يبكر الى زِيَارَة الاصحاب وفى الْمثل أبكر من غراب لَهُ مشرب خَاص بِهِ لم يسْلك أحد على أسلوبه وَله شعر كثير غالبه فى الهجاء كَأَنَّهُ منحوت من صَخْر أَو غابة لَيْسَ فِيهَا زهر وَكَانَ دَائِما يهدد بِهِ من حضر وَلَيْسَ بصياح الْغُرَاب يجِئ الْمَطَر وَكَانَ ارتحل الى طرابلس الشَّام وسكنها وَتزَوج بهَا وجاءه أَوْلَاد بِتِلْكَ الديار وَصَارَ بهَا نَائِبا عَن بعض الْقُضَاة فرجم ذَلِك القاضى بالاحجار وفى الْمثل من كَانَ دَلِيله الْغُرَاب رضى بالمنزل الخراب

(اذا كَانَ الْغُرَاب دَلِيل قوم ... فناووس الْمَجُوس لَهُم مصير)

وفر مِنْهَا صَاحب التَّرْجَمَة طَار الى عشه الاول وَلم يعد عَن اخلاقه السَّيئَة وَلم يتَحَوَّل وَكَانَ وحشيا لَا يألف كل أحد الا بعض أشخاص ألفهم وألفوه وَمن قديم عرفوه ونتفوه وَلَا دباء دمشق فِيهِ أهاج كَثِيره وَلَهُم مَعَه مداعبات مشهوره والطف مَا وقفت عَلَيْهِ مِنْهَا قصيدة كتبهَا الاديب ابراهيم الاكرمى الصالحى الى أَحْمد بن شاهين وَذكر فِيهَا أَسمَاء جملَة من الطُّيُور الى أَن استطرد الى ذكر القاق وهى قصيدة عَجِيبَة فى بَابهَا ومطلعها

(مولاى يَا نسر المعالى رفْعَة ... يَغْدُو لَدَيْهَا الرخ ذَا اطراق)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015