آخر أَيَّامه ان رجلا سبّ النبى
وتعصب جمَاعَة فى تبرئته وَأَرَادُوا أَن يرغموا الشُّهُود فى كتم الشَّهَادَة فَقَامَ بِهَذَا الامر وَأثبت عَلَيْهِ السب عِنْد القاضى فَقتل وَكَانَ ذَا مفاكهة عذبة ممتعا فى حَدِيثه وتملك كتبا كَثِيرَة واقرأ التَّفْسِير فى السليمية والبخارى فى بَيته وَكَانَ كثير المطالعة لَا يمل من الْبَحْث وَلَا يفتر عَن المذاكرة وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من المميزين فى الْفضل وَكَانَت وِلَادَته فى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَألف وَتوفى بكرَة نَهَار الِاثْنَيْنِ ثامن عشر الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَألف وَدفن بمدفن خَاص بهم بِالْقربِ من مَسْجِد الذبان وَكَانَ آخر درس أقرأه فى تَفْسِير سُورَة مَرْيَم قَوْله تَعَالَى {واذا مت فَسَوف أبْعث حَيا} وَلم يخلف ذكرا وَبَنُو عجلَان طَائِفَة بِالشَّام مَشْهُورُونَ بِصِحَّة النّسَب واسلافهم كَانُوا قدمُوا من مصر وَسَكنُوا بزاوية الرفاعية بمحلة ميدان الْحَصَى وهى الزاوية الْمَعْرُوفَة بزاوية شيخ الْمَشَايِخ عِنْد مَزَار سيدى حسن بن الرفاعى وهى زَاوِيَة كَبِيرَة فسيحة وَكَانَت خربَتْ بِسَبَب فتْنَة صدرت فى أَوَاخِر دولة الجراكسه فى سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة وَذَلِكَ ان السُّلْطَان الغورى أرسل حَاكما الى دمشق يُقَال لَهُ النَّائِب وَكَانَ بهَا حَاكم غَيره فَمَا أَرَادَ تَسْلِيمه فتحصن النَّائِب الْمَذْكُور فى زَاوِيَة ابْن الرفاعى الْمَذْكُورَة فَرمى نَائِب القلعة على الزاوية بأحجار المدافع الْكَبِيرَة فَهد ايوان الزاوية قَالَه البورينى وَالله أعلم
مُحَمَّد بن حسن بن أَحْمد بن أَبى يحيى الكواكبى الحلبى الحنفى مفتى حلب ورئيسها والمقدم فِيهَا فى الْفُنُون النقلية والعقلية مَعَ سَعَة الجاه وَالْمَال وشهرة الصيت والاناة والحلم وَكَانَ أعظم رجل جمع كل صفة حميدة وألم بِكُل منقبة سامية انْتَهَت اليه مَكَارِم الاخلاق والبشاشة وَصدق الْوَعْد وَكَانَ مَعَ علمه الزاخر وعلو سنه وَقدره لين قشرة المعاشرة مخالطا يحضر مجَالِس المداعبة والغنا وَيَقُول رب مَعْصِيّة أورثت ذلا وافتقارا خير من طَاعَة أورثت عزا واستكباراً نَشأ بحلب وَأخذ بهَا عَن جمع من مُحَقّق عصره مِنْهُم الشَّيْخ جمال الدّين البابولى وجد كثيرا حَتَّى نَالَ الرُّتْبَة الْعَظِيمَة وَكَانَ حَدِيد الْفَهم سريع الاخذ للاشياء الغامضة حكى انه دخل يَوْمًا الى مجْلِس النَّجْم مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد الحلفاوى خطيب حلب فَسَأَلَهُ عَن مسئلة فى الاصول فَلم يدرها وَكَانَ النَّجْم قصد أَن يظْهر زيفه وَيعرف انه لم يشْتَغل فى الاصول فَقَامَ من الْمجْلس وَانْفَرَدَ بِنَفسِهِ مُدَّة فى دَاره وانكب على مطالعة الاصول حَتَّى عرف من نَفسه انه حصله وَأخذ باطراً فَمه ثمَّ ذهب الى النَّجْم وناطره فى مسَائِل كَثِيرَة من هَذَا الْعلم فأربى عَلَيْهِ وَشهد لَهُ