فامتلأت الساحات بالخلائق وامتلأت الْقُلُوب بالمسرة فَمَا كَانَ أسْرع من ان أَصَابَهُ ألم أَحْسبهُ ذَات الْجنب وَاخْتَارَ الله لَهُ جواره بداره بدرب السلاطين من أَعمال الرَّوْضَة فى الثُّلُث الاول من لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشر شهر ربيع الاول سنة تسع وَسبعين وَألف فَاجْتمع السادات بداره والامام هُنَالك وَدفن بِقرب دَاره وَكَانَ الْخطب جسيما لَوْلَا حُضُور الامام فانه جبر الخواطر واشتغل بصلاح شَأْن أَوْلَاده وَعرض عَلَيْهِم الْولَايَة وحاول أَن أَخَاهُ السَّيِّد أَحْمد بن الْحسن يلم الشعث ويحفظ الْبِلَاد والجند فعف عَن الْبِلَاد قبل أَن يعرف الامام قدرهَا فَتَأَخر عَن الْجَمِيع وبقى أَوْلَاد مُحَمَّد بن الْحسن وهما يحيى واسمعيل بعد أَن بعد صيتهما وذكرا فى النَّاس ذكر آبائهما وَقد كَانَا توليا ولايات من والدهمافلذلك كَانَ مقامهما قد كبر فَاخْتَارَ الله ليحيى جواره وَكَانَ قد ناهز الاشد وَمهر فى علم الطِّبّ خُصُوصا وَلما مَاتَ بقى فى يَد أَخِيه اسمعيل جِهَة العدين من مخلاف جَعْفَر فَتوجه اليها عَن امْر الامام فَلم يصل اليها الا وَقد ألم بِهِ الالم وَتوفى فى مذيخرة فَكَانَ ذَلِك أنكى للقلوب وأبكى للعيون فسبحان من لَهُ الْبَقَاء والدوام وَلما كَانَ ذَلِك كَذَلِك أوت العساكر الى أَخِيه احْمَد بن الْحسن وَأَعْطَاهُ الامام الى بِلَاده بلادا فاستوثق الامر وانتظم ونظمت فى صَاحب التَّرْجَمَة المراثى البليغة ووصلت التعازى الى الامام من مَكَّة وَمِمَّنْ رثاه وَلَده اسمعيل وَذكر فى مرثيته الْحَال وَذكر صنوه يحيى وَمَا أجد أوقع فى النُّفُوس مِنْهَا لانها عين الْحَقِيقَة وَلَا كلفة فِيهَا وَعَلَيْهَا مسحة الْحزن وَرب شَاعِر يشْعر ويجيد وَلَا نجد تِلْكَ المسحة على غَيرهَا من مرثية أَو موعظة أَو غزل وَأما هَذِه فَانْظُر بقلبك وهى

(هَل أقَال الْمَوْت ذَا حذره ... سَاعَة عِنْد انتها عمره)

(أَو ترَاخى عَن كحيل رنا ... فاق كل الغيد فى حوره)

(أَو رثى يَوْمًا لمرضعة ... طفلها مَا دب فى حجره)

(أَو ترَاهُ هائبا ملكا ... صائلا قد عز فى نفره)

(أَو تناسى من لَهُ نظر ... تصدر الاشياء عَن نظره)

(أَو تحامى روح سيدنَا ... مصطفى الرَّحْمَن فى بشره)

(وأبى السبطين حيدرة ... وكبار الْآل من عتره)

(بل دهى من كَانَ منتظرا ... قربه أَو غير منتظره)

(وسقاه كأس سطوته ... مدهقا من كف مقتدره)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015