شُيُوخه وَرجع الى بَلَده ولازم خَال وَالِده زِيَادَة على عشر سِنِين ولحظه بنظره وَأَجَازَهُ بمروياته ثمَّ نزل لَهُ عَن افتاء الرملة وَكتب الى شيخ الاسلام يحيى المنقارى مفتى الرّوم يطْلب مِنْهُ الاجازة لَهُ بالفتوى وَأَن يكون بدله فِيهَا لاهليه لذَلِك فَأَجَابَهُ الى طلبته وَصَارَ هُوَ الْمُفْتى فى زمَان أستاذه الْمَذْكُور وَلم يزل ملازما لَهُ الى أَن مَاتَ فَانْفَرد بعده بالرياسة وَصَارَ هُوَ الْعُمْدَة فى تِلْكَ الخطة وَأخذ عَن الشَّيْخ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المغربى نزيل مَكَّة لما مر على الرملة وَأَجَازَهُ بمروياته وَلما مر شَيخنَا الشَّيْخ يحيى المغربى أَيْضا على الرملة سمع مِنْهُ الحَدِيث المسلسل بالاولية وَقَرَأَ عَلَيْهِ طرفا من الْكَشَّاف وَغَيره وَأَجَازَهُ بمروياته وَمن اجازته لَهُ ولولده
(أجزت أخانا الْفَاضِل الْعلم الذى ... تسمى بِمن فى النَّاس فى الْحَشْر يشفع)
(ونجلا لَهُ وَالله ينجح قَصده ... أَبَا للهدى والشخص بِالِاسْمِ يرفع)
(وَقَالَ بذا يحيى ونجل مُحَمَّد ... وَمن مغرب الاوطان وَالله ينفع)
وَكَانَت وَفَاته عقب الْحَج وَهُوَ رَاجع الى بَلَده صُحْبَة الركب المصرى عَاشر الْمحرم افْتِتَاح سنة سبع وَتِسْعين وَألف بالينبع وَدفن بهَا
مُحَمَّد بن جمال الدّين بن أَحْمد الملقب حَافظ الدّين العجمى القدسى الحنفى القاضى الاجل الْفَاضِل الاديب كَانَ من أَفْرَاد الزَّمَان فى الْفضل وَكَثْرَة الاحاطة باللغة والآداب قَرَأَ بِبَلَدِهِ وَحصل وتفوق وسافر مرَارًا الى الرّوم ولازم من شيخ الاسلام مُحَمَّد بن سعد الدّين وَولى الْقَضَاء فى اقليم مصر وَتصرف بعدة مناصب الى ان انْفَصل عَن قَضَاء المنصورة ثمَّ صَار مفتيا بالقدس ومدرسا بِالْمَدْرَسَةِ العثمانية بهَا وَقدم اليها فَلم يمتزج مَعَ أَهلهَا لطول غيبته عَنْهُم فَترك المنصب وَورد الى الشَّام وَأقَام بهَا مُدَّة فى محلّة القنوات ثمَّ بمحلة بنى كريم الدّين وَتزَوج بابنة القاضى برهَان الدّين البهنسى الْمُقدم ذكره بعد مُدَّة قَليلَة طَلقهَا وتنازع هُوَ وأبوها وَطَالَ بَينهمَا النزاع وَكَانَ عِنْده غُلَام جميل يدعى بخندان لم ير نَظِيره فى الْخلق والخلق وَكَانَ مَمْلُوكا مَالِكًا فَوَقع بَينه وَبَينه منافرة فهرب الْغُلَام وأعياه تطلبه فَتوجه الى القاضى وشكا اليه حَاله وَكَانَ لَهُ بِهِ علاقَة قلبية وَأظْهر مَا كَانَ يضمره من شغفه فَكثر عَلَيْهِ الِاعْتِرَاض وَبعد أَيَّام ظهر الْغُلَام وَجَاء اليه فعطف عَلَيْهِ وتغاضى عَمَّا أسلفه ثمَّ لم يقر لَهُ بِدِمَشْق قَرَار فسافر الى الرّوم وَأقَام بهَا ثمَّ أعْطى قَضَاء طرابلس الشَّام وَبَعْدَمَا عزل عَنْهَا ورد الى دمشق وَأقَام بهَا مُدَّة وَكَانَ ذَلِك فى سنة