ورحل الى مصر خمس مَرَّات وَأخذ عَن علمائها وَكَانَ صوفى المشرب قادري الطَّرِيقَة وَكَانَ أَعْيَان دمشق يذهبون اليه ويقصدون زيارته والتبرك بِهِ وَاسْتمرّ مُقيما بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة هَذِه الْمدَّة لَا يخرج الا لصَلَاة الْجُمُعَة أَو أَمر مُهِمّ وَكَانَ يقرئ الْقُرْآن والنحو وَغَيرهمَا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير من الْكتب هُوَ وتلاميذه وَاتفقَ لَهُ من الْعَجَائِب انه أَقرَأ النَّحْو وَسمع الْقُرْآن وَكتب الْفِقْه فى آن وَاحِد وَمن عجائبه انه كَانَ يكْتب صحيفَة من الْوَرق بغطة قلم وَاحِدَة وَختم الْقُرْآن ختمتين وَثمن ختمة فى يَوْم وَاحِد وَكَانَ ينظم الشّعْر فَمن شعره قَوْله فى التوسل

(رباه رباه أَنْت الله معتمدى ... فى كل حَال اذ حَالَتْ بى الْحَال)

(يَا وَاسع اللطف قد قدمت معذرتى ... ان كَانَ يغنى عَن التَّفْصِيل اجمال)

(مَاذَا أَقُول وَمنى كل مَعْصِيّة ... ومنك يَا سيدى حلم وامهال)

(وَمَا أكون وَمَا قدرى وَمَا عملى ... فى يَوْم تُوضَع فى الْمِيزَان أَعمال)

وَكتب الى بعض اصحابه

(وفوض لمولاك كل الامور ... فتفويض أَمرك خلق حسن)

(وان جَاءَ يَوْم بِهِ شدَّة ... فَلَا تجزعن وَلَا تيأسن)

وَله غير ذَلِك وَكَانَت وِلَادَته فى سنة خمس بعد الالف وَتوفى بعد عشَاء لَيْلَة الاحد السَّابِع وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة سِتّ وَسبعين وَألف وَدفن بمقبرة الشَّيْخ أرسلان

السَّيِّد مُحَمَّد بن برهَان الدّين الشهير بشريف الحميدى نقيب السَّادة الطالبية بممالك آل عُثْمَان أحد فصحاء الرّوم وبلغائهم وَكَانَ عَالما فَاضلا مَشْهُورا بالذكاء والتبحر فى الْعُلُوم لَازم من شيخ الاسلام زَكَرِيَّا بن بيرام وَكَانَ فى خدمَة نيابته بحلب لما كَانَ قَاضِيا بهَا وَلما صَار قاضى الْعَسْكَر أعطَاهُ خدمَة التذاكر ثمَّ زوجه ابْنَته وتنقل فى الْمدَارِس ثمَّ ولى قَضَاء الشَّام فى سنة ثَمَان عشرَة وَألف ودخلها وَأحسن فى قَضَاءَهُ ومدحه شعراؤها بالقصائد والمقطعات وَلم أسمع بقاض فى دمشق مدح بِمِقْدَار مَا مدح بِهِ هَذَا وَكَانَ محبا للادباء مقربا لَهُم متهافتا على التَّلَذُّذ بمجالستهم وقرأت فى أَخْبَار الاديب عبد اللَّطِيف بن يحيى المنقارى انه كَانَ نديم مَجْلِسه وَكَانَ يقربهُ ويدنيه وَمرض أَبوهُ فى أَيَّام قَضَائِهِ فَأَرَادَ وَلَده أَن يستفرغه عَن وظائفه فتمنع ثمَّ انه لما أحس بِالْمَوْتِ أَرَادَ الْفَرَاغ فَمَا أمكنه فَذَهَبت الْوَظَائِف وَلم يحصل لَهُ مِنْهَا الا الْقَلِيل وَكَانَ بِيَدِهِ تدريس العزية الَّتِى بالشرف الاعلى بِجَانِب دمشق الغربى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015