وَهَذَا معنى تداولته الشُّعَرَاء وَالسَّابِق اليه أَبُو اسحق الغزى فى قَوْله

(يَقُولُونَ مَاء الْحسن تَحت عذاره ... على الْحَالة الاولى وَذَاكَ غرور)

(أَلسنا نعاف الشّرْب من أجل شَعْرَة ... اذا وَقعت فى المَاء وَهُوَ نمير)

وَكَانَ مغرما بالجمال وَله مجون مستعذب يُؤثر عَنهُ الْكثير مِنْهُ حكى لى بعض الاخوان قَالَ دخل دمشق شخص من أهالى حلب وَكَانَ ذَا مَال وافر وَلكنه جَاهِل فأنزله وَالِد المترجم عِنْده وَكَانَ يعتنى بالتمشدق فى الالفاظ يظنّ أَنه يجريها على قَاعِدَة الاعراب فَرُبمَا قَالَ فى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سُبْحَانَهُ بِكَسْر النُّون وَكَانَ الشَّيْخ صَاحب التَّرْجَمَة يكرههُ فاتفق انه دَعَا جمَاعَة وَمَعَهُمْ غُلَام كَانَ يهواه فَدخل عَلَيْهِم الحلبى وَثقل عَلَيْهِم وَبدل صُورَة مجلسهم بِذكر مَا مَعَه من المَال فَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد سُبْحَانَ الله الرجل يملك مائَة ألف قِرْش وَيَقُول سُبْحَانَهُ بِكَسْر النُّون ويتطفل وَأَنا أقولها صَحِيحَة وَلَا أتطفل وَمَا معى وَلَا الدِّرْهَم الْفَرد وَله من هَذَا النَّوْع أَشْيَاء أخر وَلما مَاتَ وَالِده صَار شَيخا بعده وَأقَام ميعادهم بالجامع لكنه لم تطل مدَّته وَبِالْجُمْلَةِ فانه كَانَ من الْفُضَلَاء أهل الذَّوْق وَكَانَت وِلَادَته فى سنة سِتّ عشرَة بعد الالف وَتوفى فى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَألف وَدفن عِنْد وَالِده بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى

مُحَمَّد بن بدر الدّين الملقب محيى الدّين الشهير بالمنشى الرومى الاقحصارى الحنفى الْمُفَسّر كَانَ من أجلاء الْعلمَاء الْمُحَقِّقين صنف تَفْسِيره الْمَشْهُور وَاقْتصر فِيهِ على قِرَاءَة حَفْص وَشرع فى تأليفه ببلدته اقحصار من أَعمال صَار وخان فى مستهل شهر رَمَضَان سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَله فى هَذَا التَّفْسِير لطائف كَثِيرَة مِنْهَا انه استخرج معميين أَحدهمَا اسْم مُحَمَّد استخرجه من أول سُورَة الْحَمد وَأول سُورَة الْبَقَرَة وَفِيه عمل عَجِيب وحله سهل مُمْتَنع اذ استخراجه على أَن تكون ألف وَلَام الْحَمد ميما والثانى فى اسْم هود واستخرجه من سُورَة هود من قَوْله تَعَالَى {وَمَا من دَابَّة الا هُوَ آخذ بناصيتها} واشارته ظَاهِرَة قلت قَوْله تَعَالَى {مَا فرطنا فى الْكتاب من شئ} يرشد الى أَمْثَال هَذَا الاستخراج على الْوَجْه الذى لَا يبعد عَن الطَّبْع من غير احْتِيَاج الى مَعُونَة خارجية على ان بَعضهم استخرج اسْم هَاشم من قَوْله تَعَالَى {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} بِالْعَمَلِ العددى وَهُوَ ان عدد قمر ثلثمِائة وَأَرْبَعُونَ وهى عدد تَلَاهَا فَهُوَ هَاشم وَهَذَا الاستخراج قريب الى الِاسْتِحْسَان لَا كاستخراج اسْم شهَاب من قَوْله تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015