انهم كَانُوا السَّبَب لتحرك السُّلْطَان على السّفر الى الْحَج وهجموا فى ذَلِك الْيَوْم بعد الظّهْر على بَيت معلم الْملك ونهبوا أَمْوَاله وَأَرَادُوا قَتله فَمَا وجدوه ثمَّ فِي وَقت الْعَصْر اجْتمع كبار الْعلمَاء بالسلطان وسألوه أَن يسلم الْوَزير الاعظم وَضَابِط الْحرم أَو يقتلهما هُوَ حَتَّى تسكن الْفِتْنَة وأبرموا عَلَيْهِ بالسؤال فَامْتنعَ ثمَّ تفرق الْعَسْكَر وفى ثانى يَوْم وَهُوَ يَوْم الْخَمِيس اجْتَمعُوا أَيْضا والعسكر كلهم بالاسلحة وَآلَة الْحَرْب وذهبوا الى الموالى وجمعوهم بالجامع الْجَدِيد الذى عمره السُّلْطَان أَحْمد وَأَرْسلُوا قاضى الْعَسْكَر وقاضى دَار السلطنة وَبَعض الموالى الى السُّلْطَان بِطَلَب الْجَمَاعَة الَّذين اتَّفقُوا على قَتلهمْ الْمَذْكُورين أَولا فَامْتنعَ من تسليمهم واستمروا فى مُرَاجعَته الى وَقت الظّهْر ومل الْعَسْكَر من الِانْتِظَار فَهَجَمُوا على دَار الْخلَافَة فوجدوا السُّلْطَان مصطفى بَين الابواب فأخرجوه وأجلسوه وَلما رأى السُّلْطَان مَا حل بِهِ تحير فى أمره فَأخذ مَعَه الْوَزير الاعظم السَّابِق حُسَيْن باشا وَذهب الى بَيت ضَابِط الْجند ليدبر أمره وَقَالَ لَهُ السُّلْطَان تذْهب وَتَأْخُذ خاطر الْعَسْكَر وَتجْعَل لكل انسان مِنْهُم خمسين شريفيا وَخَمْسَة أَذْرع من الجوخ وألزمه بذلك فَذهب الى الْعَسْكَر وكلمهم فى ذَلِك فَمَا كَانَ من جوابهم الا قَتله وذهبوا من وقتهم الى بَيته وَقتلُوا حُسَيْن باشا وقبضوا على السُّلْطَان وأحضروه بَين يَدي السُّلْطَان مصطفى فَأرْسلهُ الى يدى قلَّة وأحضروا دلاور باشا وَضَابِط الْحرم وَقَطعُوا رأسهما وعلقوا رُؤْس الْجَمِيع على جَامع السُّلْطَان بايزيد وَقعت الْبيعَة الْعَامَّة للسُّلْطَان مصطفى فَجعل زوج أُخْته دَاوُد باشا وَزِير أعظم وَبعد الْعَصْر من هَذَا الْيَوْم ذهب دَاوُد باشا الى يدى قلَّة من غير علم السُّلْطَان مصطفى وخنق السُّلْطَان عُثْمَان وغسله وكفنه وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه عِنْد أَبِيه السُّلْطَان أَحْمد وَكَانَ ذَلِك فى الْيَوْم الثَّامِن من رَجَب وَجَرت أُمُور هائلة ونهبت دور كَثِيرَة من دور أَرْكَان الدولة وَقد استخرج بعض المعتنين بالجفر قَتله فى تِلْكَ السّنة من جفر الشَّيْخ الاكبر ابْن عربى برموز ظَاهِرَة وفى ذيلها الْعجب كل الْعجب بَين جُمَادَى وَرَجَب وَقيل فى تَارِيخ قَتله
(مَاتَ سُلْطَان البرايا ... فَهُوَ فى الاخرى سعيد)
(قَالَ لى الْهَاتِف أرخ ... ان عُثْمَان شَهِيد)
وَكَانَت وِلَادَته فى سنة ثَلَاث عشرَة وَألف وَمُدَّة خِلَافَته أَربع سنوات وشهراً وَاحِدًا وَقتل وَله من الْعُمر سبع عشرَة سنة