ثمَّ أسر برؤياه الى بعض أَوْلَاده أَظُنهُ عبد الحفيظ وَأقَام مُدَّة سمع فِيهَا شَيْئا من الْعُلُوم وَحضر مجَالِس الْعلمَاء وَأَظنهُ شهد دَفنه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا ذكره حفيده الْعَلامَة النَّاصِر بن عبد الحفيظ من قَائِل يَقُول فى الْمَنَام لم يبْق من عمر جدك عبد الله غير تسع وَعشْرين لَيْلَة وَكَانَ كَمَا قَالَ وَمِنْهَا مَا رَآهُ بعض السَّادة قبل مَوته من أَخذ النبى

بِيَدِهِ ذَاهِبًا بِهِ نَحْو الْموضع الذى فِيهِ ضريحه بالاشعاف ثمَّ الى الْمَدِينَة والى هَذَا أَشَارَ وَلَده القاضى عبد الحفيظ بقوله وَرَأى تقى الْبَيْت وَمِنْهَا الْكَرَامَة الشهيرة من بُلُوغه الى قريب مَكَّة على مرحلة أَو مرحلَتَيْنِ وَكَانَ يتَخَلَّف عَن الْقَافِلَة للصَّلَاة وَيلْحق بهَا على حمَار مَوْصُوف بِسُرْعَة المشى فَأَبْطَأَ فى بعض الايام عَن اللحوق بالقافلة ركونا مِنْهُ على مَا جرت عَادَته بِهِ فَركب حِمَاره فَلم يقدر على المشى البته فَلَمَّا علم تعذر مَشْيه وفوت الْقَافِلَة وَعدم مَعْرفَته بِالطَّرِيقِ تحير وَصلى رَكْعَتَيْنِ ودعا الله تَعَالَى وَأَقْبل على التِّلَاوَة فاذا بِرَجُل أَخْضَر اللَّوْن حسن الْقَامَة ينحط عَن جبل قريب مِنْهُ ويسرع المشى نَحوه فحياه باسمه وَقَالَ أَبْطَأت عَن الْقَافِلَة فاقف أثرى وَحمل مَا مَعَه من أَشْيَاء كَانَ يستصحبها فَوَقع فى نَفسه انْقِطَاعه عَن النَّاس وان هَذَا رجل لَا يدرى من هُوَ فَالْتَفت اليه مُتَبَسِّمًا وَأخْبرهُ بِمَا وَقع فى نَفسه فاطمأن وَمَا زَالَ يحدثه حَتَّى بلغ بِهِ بركَة مَا جن فى مَكَّة وَأخذ لَهُ مَاء اغْتسل بِهِ وأعلمه بِالْحرم الشريف وَالطَّرِيق اليه بعد ان أحرم من الْمِيقَات وَقَالَ ان لقيتنى بعد ذَلِك والا فَأَنا أستودع الله تَعَالَى دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلك وودعه وَمضى وَلم يره بعد ذَلِك وَكَانَ من الْعَجَائِب مصادفة الْحمار على أحسن أَحْوَاله بعد مُدَّة فى مَوضِع الِانْقِطَاع انْتهى وَكَانَت ترد اليه كتب الْعلمَاء فى عصره لاستيضاح المشكلات فى كل فن من جَمِيع الْجِهَات وَبَينه وَبَين الْعَلامَة مُحَمَّد بن أَحْمد الرومى الحنفى والعلامة سعد الدّين وأخيه على ابنى الْحُسَيْن المسورى مكاتبات ومحاورات طَوِيلَة ذكرهَا ابْن أَبى الرِّجَال فى تَارِيخه وَكَانَت وَفَاته فى ذى الْحجَّة سنة ثَمَان وَعشْرين وَألف بالشجعة وقبره بالاشعاف بهَا وَكَانَ عمره ثَمَانِيَة وَسبعين سنة ورثاه بعد مَوته جمَاعَة عِظَام وَكَانَ من جُمْلَتهمْ وَلَده القاضى عبد الحفيظ فَقَالَ يرثيه بقصيدة مطْلعهَا

(يَا غيث يَا وكاف يَا سحاح جد ... متعطفا مترددا بهناء)

(قبرا على الاشعاف جلّ ضريحه ... مستوطنا عَلامَة الْعلمَاء)

(بالسفح من جبل الْعَرُوس ومربع الشّرف الَّتِى فاقت على الانحاء ... )

طور بواسطة نورين ميديا © 2015