الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة".
وقد افتتح بعض العلماء كالإمام البخاري في صحيحه، والمقدسي في "عمدة الأحكام" والبغوي في "شرح السنة" و"مصابيح السنة"، والنووي في "الأربعين النووية"ـ مصنفاتهم بحديث: «إنما الأعمال بالنيات» إشارة منهم إلى أهمية الإخلاص في الأعمال. وسفيان الثوري يقول: "ما عالجت شيئاً أشد علي من نيتي، لأنها تتقلب علي" والعمل من غير نية خالصة لوجه الله طاقة مهدرة، وجهد مبعثر، وهو مردود على صاحبه، والله تعالى غني حميد لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً له سبحانه. يقول أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه -: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا شيء له. فأعادها عليه ثلاث مرات ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له: لا شيء له، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغى به وجه الله" (رواه أبو داود والنسائي).
ويقول عليه الصلاة والسلام قال الله عز وجل: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» (رواه مسلم).
العبرة في الإسلام ليست بكثرة العمل فحسب، إنما الواجب صحة الإخلاص لله وكثرة العمل الموافق لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وقد جمع ربنا ذلك في قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] فجمعت هذه الآية الإخلاص وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
والعمل ـ وإن كان كثيراً ـ مع فقد صحة المعتقد يورد صاحبه النار قال سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].