قال ابن رجب (?): "إنكاره بالقلب لابد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر دل على ذهاب الإيمان من قلبه". قال شيخ الإسلام: "القلب إذا لم يكن فيه كراهة ما يكرهه الله لم يكن فيه من الإيمان الذي يستحق به الثواب. وقوله من الإيمان أي من هذا الإيمان وهو الإيمان المطلق أي ليس وراء هذه الثلاث ما هو من الإيمان ولا قدر حبة خردل، والمعنى هذا آخر حدود الإيمان ما بقي بعد هذا من الإيمان شيء ليس مراده أنه من لم يفعل ذلك لم يبق معه من الإيمان شيء" (?). والمنكر يُزال بالحكمة، والاستطاعة، عدم الوقوع في منكر أو مفسدة أعظم منه.
أطرق باب قلب العاصي مراراً فلا تعلم متى يفتح الله قلبه على يديك، فنوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعو قومه غير يائس من دعوتهم، فمتى رأيت ذا منكر على معصية فبادره بالنصيحة بحكمة ولين ولا ترجئ النصيحة، فقد يلقى المقصر ربه وهو على معصية وأنت لم تبد له النصح فتتحسر على تقصيرك.
اعلم أنه ليس في كل أمر أو نهي تقوم به يجب معه زوال المحذور أو أداء الواجب، فزمام الاستقامة بيد الهادي جل وعلا، قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] ويقول سبحانه: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: 12] فالمنكر قد يزول بالإنكار، وقد لا يزول، ولا تجعل نصب عينيك وأنت تقيم هذه الشعيرة إزالة المنكر فإن لم يزل تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن هذا من الخطأ.