الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الشريعة، ومن أوجب قواعد الدين، وهو حصن الإسلام المنيع، يحجز عن الأمة الفتن وشرور المعاصي، ويحمي المسلمين من نزوات الشيطان ونزغات الهوى، وهو البناء المتين الذي تتماسك به عرى الدين، يحفظ العقائد والسلوك والأخلاق، ويدرأ المحن والرذائل، في القيام به صلاح الأمم، وحفظ النعم وحلول الأمن وإجابة الدعاء وصرف كيد الأعداء مع رفع الدرجات، والإحسان إلى الخلق، به تنمو في المجتمعات الآداب والفضائل، وتختفي المنكرات والرذائل.
أعلى الناس قدراً وأرفعهم شرفاً من أصلح نفسه، ثم امتن بالإصلاح والخير إلى غيره، وهو من أخص صفات نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال جل وعلا: {يَامُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: 157] وهذه الخلة جعلت هذه الأمة غرة في جبين الأمم، وتاجاً على علو هامها بينهم، وقد مدح الله المؤمنين القائمين بتلك الشعيرة فقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ