نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار» (رواه مسلم).
فتأمل هذا الحديث فإن أول الناس يقضى فيهم يوم القيامة المجاهد والمتعلم والمتصدق إذا فسدت نياتهم، ويسحبون على وجوههم في النار مع أن العمل الذي عملوه من أجل الأعمال عند الله ولكن جنوح النية عن الإخلاص أرداهم في الهاوية.
من عمل عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين وهو لم يترقب ذلك ففرح بفضل الله واستبشر بذلك، فإن هذا لا يضره وليس هذا من الرياء. يقول أبو ذر - رضي الله عنه - سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه فقال: «تلك عاجل بشرى المؤمن» رواه مسلم. أما من عمل عملاً صالحاً وزيَّنه من أجل أن يمدحه الناس عليه فهذا هو الرياء.
ضاعت آمال المرائي وخاب سعيه وعُومل بنقيض قصده وعوقب بعقوبتين: عقوبة في الدنيا وعقاب في الآخرة.
في الدنيا يفضح الله المرائي ويهتك ستره ويظهر خباياه، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يراء الله به». رواه مسلم. قال