وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة».
فالمسلم يجعل نيته في كل خير قائمة، يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أفضل الأعمال صدق النية فيما عند الله". ومن سره أن يكمل له عمله فليحسن نيته، فإن الله يأجر العبد إذا حسنت نيته حتى باللقمة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجر عليها حتى اللقمة تضعها في فيّ امرأتك» (متفق عليه).
يقول زبيد اليامي: "انو في كل شيء تريد الخير حتى خروجك إلى الكناسة". ويقول داود الطائي: "رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية". وكان السلف الصالح يحثون على حسن النية في كل أمر صالح، يقول يحيى بن كثير: "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل".
العمل الصالح لا يقبل إلا بالإخلاص، وبدون إخلاص يرد العمل ولو كثر، والإخلاص مانع بإذن الله من تسلط الشيطان على العبد قال سبحانه عن إبليس: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82 - 83].
والمخلص محفوظ بحفظ الله من العصيان والمكاره، قال سبحانه عن يوسف عليه السلام: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] وبالإخلاص رفعة الدرجات وطرق أبواب الخيرات، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنك لن تختلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله ازددت به درجة ورفعة» (متفق عليه).
في الإخلاص طمأنينة القلب وشعور بالسعادة وراحة من ذل الخلق. يقول الفضيل بن عياض: "من عرف الناس استراح" إذا عرف أنهم لا ينفعونه ولا يضرونه استراح من الناس.