تطبيق علمه الزراعي على العمل أن نشرت أصول الزراعة الحديثة بين أبناء إسرائيل، وغدا فيهم الكفاة للقيام على الحرث والتسميد والبذر والغرس والتعهد والتقليم والتطعيم، وأصبحت مستعمراتهم تخرج أصنافاً جيدة من الخمور واللوز وغيرها لا تخرجها القرى المجاورة لها.
ومن مدارس الزراعة التي نفعت بعض أبناء سورية وفلسطين مدرسة اللاطرون بين يافا والقدس أنشأها الآباء البيض. ومدرسة تعنايل بين بيروت ودمشق أنشأها الآباء اليسوعيون. وقد أنشأت الحكومة السابقة مدرسة زراعية في سَلَمْية لكنها ضعيفة في تلقين العمليات والنظريات، وقد ألغتها مؤخراً بحجة أن تلاميذها لم يعملوا في الصناعة التي اختصوا بها، وآثروا التوظيف في أعمال الحكومة، وذلك
على شرط أن تؤسس مدارس عملية أخرى ومشاتل في كل قصبة فلم يتم شيء من ذلك.
ومن الغريب أن الزراعة وهي تكاد تكون في هذا القطر المحبوب مورد عيشة الأول، لم يدرسها إلى اليوم سوى أفراد قلائل، ولا أذكر سوى بضعة شبان ممن يملك آباؤهم مزارع واسعة تعلموا فن الزراعة على الأصول في مدارس فرنسا وإنكلترا وتونس ومصر والآستانة، وجاءوا فعنوا بتطبيق ما تعلموه، وكان الواجب أن يكون لكل بضع قرى مهندس زراعي، يعلمها من علمه ويمدها بتجاربه ويدير شؤونها كما يدير أهل البصر في الغرب مزارعهم.
إلى اليوم لم تدخل على ما يجب أرضنا الأدوات الزراعية الحديثة التي تقلل عمل الأيدي وتزيد النماء كآلة الحرث والبذر والدرس والتذرية دع غيرها، وما أبقاه لنا بعض علماء العرب من الكتب الزراعية التي طبع بعضها بلغتنا في أوربا دليل كبير على ترقي هذا الفن أيام لم يكن في الأرض من يحسنه. سبق العرب الغرب في كل شيء، وسبقهم هو اليوم ويا للأسف في كل شيء، والدهر دول يوم لك ويوم عليك.
سبق الأجداد في كل شيء، وتأخر الأحفاد في كل شيء، والفلاحة التي هي أشرف الأعمال وضيعة في نظر كثيرين حتى إن بعضهم قال وقد رأى