5ً إقليم الصحراء وتتناول ما نسميه بادية الشام أي الأصقاع الواقعة شرق المعمور من دمشق تنبت فيه بعض النباتات والأعشاب منها ما يزول في الربيع ومنها ما يبقى في الصيف. وليس في هذا الإقليم سكان إلا البدو الضاربون في أرجائه.
أدخل ثلاثة أصناف من الناس في الشام روحاً جديداً في زراعتها، ومنهم مهاجرو قافقاسيا وغيرهم ممن سكنوا قرى كثيرة في عمل حلب ودمشق وعَمّان، فإن هؤلاء أدخلوا أصول الزراعة على طريقتهم وهي أرقى من طريقة من نزلوا عليهم في حمص والبلقاء والجولان مثلاً. ثم إن الألمان الذين أقاموا لهم مستعمرات في حيفا ويافا منذ 1868م قد كانوا مثال الفلاح النشيط، وكان على فلاحنا المجاور لهم أن يتعلم منهم ويعتبر بما يأخذه الفلاح الجرماني من وافر الغلات، ويتعلم منه تنظيم داره وإصطبله وحديقته ومزرعته وتعليم أولاده وغير ذلك مما يعود عليه بالنفع والراحة. وأهم من أدخلوا التجدد في الزراعة في ربوع
الشام الصهيونيون من مهاجرة ألمانيا ورومانيا وروسيا وبولونيا وغيرهم، فإنهم والحق يقال قد أنشئوا بأموال روتشلد وبركم وفيرو وفيتيفيوري وغيرهم من أغنياء الإسرائيليين الذين ابتاعوا الأراضي في فلسطين لأبناء نحلتهم، وأمدوهم بالمال ليتوفروا على استثمارها، مزارع حرية بأن تكون نموذجات الحقول، وقد قامت الجمعيات الصهيونية مثل الجمعيات الصهيونية اليهودية وجمعيات ايكا وفاعوليم والأليانس وغيرها بأعمال مهمة لنشل أبناء دينهم من سقطتهم، وأنشئوا لهم قرى كسارونا وزمارين والخضيرة وملبس والجاعونة والشجرة وغيرها هي كالقرى الأوربية بإتقان أعمالها الزراعية. وممن ساعد على إنجاح الزراعة بعض مهاجري اللبنانيين الشرقي والغربي فإن منهم من وضع مما اقتصد من المال أمواله في الزراعة وأدخل طريقة الأمريكان في أرضه.
وكان من أثر مدرسة الزراعة العملية في نيتر قرب يافا التي أُسست منذ نحو خمسين سنة، وكان يتخرج فيها في السنة على الأقل عشرون تلميذاً يستطيع