عظيما بنفسه وعدله وشجاعته، والشام مدين لفضله بفتحه وتمهيد أموره. ذكر أهل الأخبار عن عائشة أنها قالت: سمعت أبا بكر يقول: لما كان يوم أحد ورمي رسول الله في وجهه حتى دخلت في وجنتيه حلقتان من المغفر فأقبلت أسعى إلى رسول الله وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا فقلت: اللهم اجعله طاعة حتى توافينا إلى رسول الله، فإذا أبو عبيدة ابن الجراح قد بدرني فقال: أسألك بالله يا أبا بكر ألا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله قال أبو بكر: فتركته فأخذ أبو عبيدة بثنيته إحدى حلقتي المغفر فنزعها وسقط على ظهره وسقطت ثنية أبي عبيدة، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس
أثرم.
هذا مثال من قوة نفس أبي عبيدة وحبه لرسول الله. شهد أبو عبيدة واسمه عامر بن عبد الله بدراً وأُحداً وثبت يوم أُحد مع الرسول حين انهزم الناس وولوا، وشهد الخندق والمشاهد كلها مع رسول الله وكان من علية أصحابه. طلب أهل نجران من الرسول أن يبعث معهم رجلاً أميناً. قال: لأبعثن إليكم رجلاً أمينا حقَّ أمين حقَّ أمين حقَّ أمين قالها ثلاثاً: فبعث أبا عبيدة. قال أبو عبيدة وهو أَمير على الشام: يا أَيها الناس إني امرؤ من قريش وما منكم من أحد أحمرَ ولا أسودَ يفضلني بتقوى إلا وددت أني في مسلاخه. قال عمر بن الخطاب لجلسائه: تمنوا فتمنوا فقال عمر بن الخطاب: لكني أتمنى بيتاً ممتلئا رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح قال سفيان فقال له رجل: وما ألوت الإسلام فقال: ذاك الذي أردت. وقال عمر بن الخطاب: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت، فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله، وفي رواية لو سألني عنه ربي لقلت سمعت نبيك يقول: هو أمين هذه الأمة، وقال عمر: لئن عشت إن شاء الله لأسيرن في الرعية حولاً، فإني أعلم أن للناس حوائج تقطع دوني. أما عمالهم فلا يرفعونها وأما هم فلا يصلون إليَّ، فأسير إلى الشام فأقيم شهرين وبالجزيرة شهرين وبمصر