ابن الوليد. ولما طعن أبو عبيدة بالأردن دعا من حضره من المسلمين فقال: إني موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير: أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا شهر رمضان، وتصدقوا وحجوا واعتمروا، وتواصوا، وانصحوا لأمرائكم، ولا تغشوهم، ولا تلهكم الدنيا، فإن امرأ لو عمر ألف حول ما كان له بد من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون، إن الله تعالى كتب الموت على بني آدم فهم ميتون، وأكيسهم أطوعهم لربه، وأعملهم ليوم معاده والسلام عليكم ورحمة الله. يا معاذ ابن جبل صلِّ بالناس ومات رضي الله عنه. وكان عهد بولاية دمشق لسعيد العدوي وسويد الفهري وكلهم من الصحابة الكرام. وكان عياض ابن غنم مع ابن عمه أبي عبيدة بن الجراح في الشام، فلما توفي أبو عبيدة استخلفه بالشام فأقره عمر بن الخطاب وقال: لا أغير أميرا أمَّره أبو عبيدة.
ولما ولى أبو عبيدة معاذا قام هذا في الناس فقال: أيها الناس توبوا إلى الله من ذنوبكم توبة نصوحا، فإن عبدا لا يلقى الله تعالى إلا تائبا من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإن العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجرا أخاه فليلقه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، والخطب العظيم أنكم أيها المسلمون قد فجعتم برجل ما أزعم أني رأيت عبدا أبر صدرا، وأبعد من الغائلة، ولا أشد حبا للعامة، ولا أنصح للعامة منه، فترحموا عليه رحمه الله تعالى، واحضروا الصلاة عليه.
وأقام معاذ على إمرته ولم تطل مدته حتى مات في طاعون عمواس في هذه السنة واستخلف معاذ عمرو بن العاص. ولما قدم عمر إلى الشام بالجابية أمر عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر، وبقي الشام ليزيد بن أبي سفيان، ولم يطل أمد ولايته طويلا حتى هلك في طاعون عمواس أيضا. وعمواس من الرملة على أربعة أميال مما يلي بيت المقدس. والطاعون الذي عرفت به مات به خمسة وعشرون ألفا وطمع العدو في الشام بسببه.
وأبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة كان عظيما بإخلاصه للإسلام،