ونهض اليهود فقالوا: والتوراة لا يدخل عامل هرقل مدينة حمص إلا أن نُغلب ونجهد.
قال غستاف لبون: لما دخلت العرب الشام كانت رومانية منذ نحو سبعمائة سنة، فأبانوا عن تسامح مع كل مدن الشام ولذلك رضي السكان بسلطتهم مختارين، وانتهت بهم الحال أن اطرحوا النصرانية وقبلوا دين الفاتحين وتعلموا لسانهم. وقال دي توري: إن الخطر الذي اندفع عن الشام من جهة الفرس على يد الإمبراطور هرقل عاد فداهمها من جهة جزيرة العرب، ولكنه خطر كانت فيه سلامتها من الانحلال والاضمحلال، وذلك أن العرب هاجمتها وقد أصبح العرب أمة برسولهم فزعزعوا أركان المملكة الرومانية. وفي سنة 636 فتحت دمشق وبعد سنتين فتحت القدس ولم تدخل سنة 639 حتى فتح الشام كله، وساد فيه السلام بدل الخصام، فمن آمن عصم دمه وماله، ومن لم يؤمن دفع الجزية
واعتصم في الجبال فتركه الفاتحون وشأنه اه.
لما دخل اليأس على هرقل من الشام سار عنه إلى القسطنطينية من الرُّها فالتفت إلى الشام عند مسيره وهو على نَشَز وقال: السلام عليك يا سُورِيَة سلام لا اجتماع بعده، ولا يعود إليك رومي بعدها إلا خائفاً حتى يولد الولد المشؤوم وليته لم يولد فما أجل نفعه وأمرَّ فتنته على الروم. ولم يفسر المؤرخون الذين نقلوا عبارة هرقل هذه معنى الولد المشؤوم وقيل: إنه قال باليونانية سوزه سورية أي كوني بسلام. وقد أخذ هرقل أهل الحصون التي بين الإسكندرونة وطرسوس معه لئلا يسير المسلمون في عمارة ما بين إنطاكية وأرض الروم، وشعث الحصون فكان المسلمون لا يجدون بها أحداً.
وفي سنة 17 قصدت الروم أبا عبيدة بحمص فضم أبو عبيدة إليه مسالحه وعسكروا بفناء حمص، وأقبل خالد من قنسرين حتى انضم إليهم فيمن انضم من أمراء المسالح، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بخروج الروم عليه