الفنون الجميلة أو الصنائع النفيسة، وأسماها بعضهم نواضر الفنون وقيل إن العرب أطلقوا عليها اسم الآداب الرفيعة هي الصنائع التي من شأنها إدخال السرور بجمالها وجلالها على النفوس البشرية، وتربي ملكة الذوق والشعور، وهي سبعة أقسام: الموسيقى، الغناء، التصوير، النقش، البناء، الشعر والفصاحة، الرقص. وأرجعها بعضهم إلى ثلاثة فروع فقط: التصوير والشعر والموسيقى. ولقد كان لهذه الديار حظ كبير من هذه الفنون بقدر ما ساعدتها بقعتها وطاقتها، وربما تم فيها أشياء لم تصلنا أخبارها، أما الدول التي تعاقبت على الشام بعد الإسلام، فإن ما وصلنا من أنباء هذه الفنون فيها قد تعرّض له كاتبوه بالعرض كأن يكون المشتغل بالموسيقى أو التصوير مثلاً ذا مشاركة في فنون أُخرى من أدب وشعر، وطب وفلك، وحديث وفقه، أو أن القوم دوّنوا عامة سير الموسيقيين والمغنين والمصورين والنقاشين مثلاً فضاع ما دونوه في جملة ما ضاع من أخبار حضارتنا.
نشأت الموسيقى مع البشر ولازمتهم في جميع ما عرف من أدوارهم في حياتهم الخاصة والعامة، وفي مظاهر سلمهم وحربهم، وسعادتهم وشقائهم، وأفراحهم وأتراحهم، وسفرهم وحضرهم، وتعبهم وراحتهم، ودينهم ودنياهم، والمرء من طبعه أن لا يستغني عن رفع صورته، ليطرب نفسه وجليسه، وقلبه