عليه ويعجبون ويترنمون بسماعه، وكان من أهل بيت صلاح الدين الشعراء المفلقون، ومما عُني به نور الدين محمود بن زنكي أنه كان يجلب العلماء من القاصية ويسكنهم بالشام مثل قطب الدين النيسابوري وشرف الدين بن أبي عصرون، يبني لهم المدارس ويغدق عليهم وعلى مريديهم أنواع الإحسان ويدرّ عليهم الرواتب. وقد أُحصي فقهاء مدارس دمشق في عهد صلاح الدين فكانوا ستمائة فقيه، كان يعطيهم من صدقاته. ومن كتاب للقاضي الفاضل لصلاح الدين: ومما يجب ان يعلم المولى أن أرزاق أرباب العمائم في دولته إقطاعاً وراتباً يتجاوز مائتي ألف دينار وربما كانت ثلاثمائة ألف دينار. وأزهرت في هذا القرن مدرسة اليعاقبة في طرابلس ومنها نشأ أبو الفرج ابن العبري صاحب التاريخ المطبوع. وتعلم كثير من المحاربين والقواد والأمراء من الصليبيين اللغة العربية في الشام. في تاريخ اللغة الفرنسية وآدابها: أما بشأن اللغة أي في عهد الصليبيين فقد حدث ما يحدث في مثل هذه الأحوال على صورة مطردة، وهو أن لغة الأكثر تمدناً أثر أهلها في غيرهم. وكان أكثر الأمم تمدناً بلا مراء الشرقيون ولا سيما العرب واليونان. وقد تعلم قليل جداً من العرب والترك والفرس لغة الإفرنج ما عدا بعض التراجمة
الرسميين. وعلى العكس تعلم كثير من الصليبيين لغة الوطنيين عقيب وصولهم إلى فلسطين. إلى أن قال: ولا ريب أن مجاورة التمدن الإسلامي قد ساعدت على زيادة النفوذ الذي كان العلم العربي والفنون العربية تؤثرها فينا منذ زمن طويل. ومعلوم ما تدين به لهذا التأثير كل من الفلسفة والرياضيات والفلك والملاحة وتركيب النيران الصناعية والطب والكيمياء حتى فن الطبخ فقد أخذنا عن العرب أشياء كثيرة من مثل طريقة الأرقام وشروح أرسطو حتى حمام الزاجل والشعار وأدوات الموسيقى والأزياء والثياب والزهور والبقول. وبعد فإذ حدث أحياناً أن الأشياء التي نقلت لم تكن تسمى إلا بأسماء المدنية الشرقية التي أخذت منها مثل ثوم عسقلان وثياب دمشق فغن غيرها قد احتفظت بأسمائها العربية مع بعض التحريف وهي كثيرة ويتألف منها في الفرنسية مجموع كبير في الجملة اه.
ونبغ في هذا القرن أبو المجد محمد بن أبي الحكم، وكان طبيباً مهندساً