نريد بالعلم علم الدين والدنيا، فالعالم بالحديث عالم، والعالم بالطب عالم، والعالم بالكلام عالم، والعالم بالهندسة عالم. والكيمياء علم والبيطرة علم، والتاريخ علم والجدل علم، وشرف هذه العلوم بشرف مقاصدها، وأشرفها في نظر الإلهيين ما هذب النفس وأعدها للحياة الخالدة. وعلوم الدنيا هي الوسيلة إلى تلك السعادة كما قال حجة الإسلام الغزالي: إن الفقيه معلم السلطان ومرشده إلى طريق سياسة الخلق وضبطهم، لينتظم باستقامتهم أُمورهم في الدنيا، ولعمري إنه متعلق أيضاً بالدين ولكن لا بنفسه بل بواسطة الدنيا. فإن الدنيا مزرعة الآخرة ولا يتم الدين إلا بالدنيا.
كان البشر قبل ظهور الأديان المشهورة يستخدمون علوم الدنيا للدنيا، وكانت
بسائط على حالة ابتدائية بالطبع، ويعكفون من جهة أُخرى على تماثيلهم وأربابهم ومعابدهم يجوّدون صنعها، ويمجدونها ويتغنون بمدحها، فلما جاءت الأديان المعروفة تغير الشكل بصورة أُخرى، وبقيت العناية بالعلوم تختلف باختلاف الأصقاع والدول. أما الأدب فالذي كانت العرب تعرفه هو ما يحسن الأخلاق ويدعو إلى المكارم. واصطلح الناس بعد الإسلام بمدة طويلة على تسمية العالم بالشعر أديباً وعلوم العربية أدباً. والمراد بالإسلام كما قال