وقال واصفوه: إنه ما زال في ظهور حتى نشبت الحرب بين الدولة العثمانية والدولة الروسية فضعفت الدولة في الأقطار الشامية، فزاد ظاهر العمر قوة وعدا على والي صيدا وطرده منها وتملكها وأرسل لها حاكماً من عنده، واستمر يحارب الوزراء سبع سنين ولم يدفع مالاً للدولة، وله معهم وقائع انتصر فيها على عساكر الترك وعسكر الدروز والعربان. وفي هذه الأثناء صادق دولة روسيا بمشورة وكيله الخاص إبراهيم الصباغ من أهل عكا، وكان هذا صاحب عقل وتمييز إلا أنه يحب المال كثيراً، كما حالف الأمير فخر الدين المعني الثاني في القرن الماضي أمراء طسقانة.
واستمر الشيخ ظاهر حاكماً على عكا نحو أربعين سنة إلى سنة 1189. والسبب في وقوع الفتن بين الشيخ ظاهر العمر وولاة الأطراف أن عثمان باشا الصادق والي دمشق لما وليها سنة 1174 وكان شديد المكر كثير الدهاء، ولى أولاده الاثنين صيدا وطرابلس، فصار يظلم رعية الشيخ ظاهر العمر ويطلب المال للسلطان، فبدأت الحرب بينهما فانكسر عثمان باشا وخلت خزائنه فأخذ يلح على الأهالي في طلب المال، فضج الناس من ظلمه، وعصاه أهل الرملة وغزة ويافا
ولم يطيعوه إلا بعد حروب كثيرة، فوقعت البغضاء في قلوب إقليم القدس وتمنوا حكم علي بك صاحب مصر عليهم، وكان هذا قد قوي فأطاعته البلاد المصرية.
وحاول عثمان باشا سنة 1183 أن يغزو ظاهر العمر بالاتفاق مع أمراء جبل الشوف فأرسل ظاهر يستنجد بوالي مصر علي بك، وكان هذا عزم على رفع لواء العصيان على الدولة، وفي قلبه حقد على عثمان باشا، فهش لاقتراح الشيخ ظاهر لأنه كان يريد امتلاك الأمصار من عريش مصر إلى بغداد، وكان قد راسل الملكة كاترينا المسكوبية طالباً منها أن تمده بالمراكب والرجال وهو يملكهم المدن البحرية في الشام. ولما وصلت إليه رسالة الشيخ ظاهر جهز له ستة سناجق كبار ورأس عليهم إسماعيل بك وأصحبهم بعشرة آلاف من الغز والعربان والمغاربة وأمرهم أن يكونوا في طاعة الشيخ ظاهر العمر وساروا إلى أراضي المزيريب في حوران، وكانوا نحو عشرين ألفاً، لقتال عثمان باشا فعدل إسماعيل بك عن الغزاة لما لاقى من تمرد أولاد الظاهر وعشيرته، فشكا