واحدة ارتكبها والي حلب الأحمق أدت إلى ما أدت إليه من الفساد والبلبلة.
قال الشهابي في حوادث 1054 أنه عزل محمد باشا الأرناؤوط عن إيالة طرابلس وتولاها حسن باشا وكانت الناس لكثرة المظالم تبيع كل ثلاثة شنابل قمح بقرش، ثم أعيد إلى طرابلس محمد باشا الأرناؤوط وأجرى المظالم على الرعايا حتى خربت قرى كثيرة ورحل أهلها.
بويع محمد الرابع بالسلطنة سنة 1058 بعد السلطان إبراهيم فطال عهده إلى سنة 1099 أي إحدى وأربعين سنة، وإذ كان طفلاً عهدت والدته، بعد تغيير كثير من الصدور، بالصدارة العظمى إلى رجل عاقل من رجال الدولة وهو محمد باشا كوبرلي وكان أمياً إلا أنه أتي بأعمال وطدت دعائم الملك بعد تزعزعه في عهد السلطان السابق بسلطة النساء، واشترط في تولي الصدارة أن يكون حراً في عمله لا ينازعه منازع، ولا تقبل فيه وشاية ولا يعين للمناصب إلا من يريد، وقتل ستة وثلاثين ألف إنسان حتى ألقى الرهبة في النفوس، وأمن قيام الخوارج والنزاع إلى الثورة من الزعماء وأرباب الدعارة والجند والعصاة، وخلفه ابنه أحمد باشا كوبرلي الذي كان حاكم دمشق وقاتل الدروز وانتصر عليهم. وكان على غاية من العلم والعمل. ثم خلفه في الصدارة قره مصطفى باشا فأخرج الصدارة عن طورها لأنه كان جماعاً للمال له وعنده ألوف من الخيل وكلاب الصيد والبزاة و1500 حصان و1500 سرية و700 خصي.
وخلفه مصطفى زاده من أسرة كوبرلي أيضاً وكان من المضاء والشجاعة وحسن الإدارة والاستقامة على جانب عظيم، واشتد على المزورين والمرتشين وقضاة السوء وملأ خزانة الدولة بأموال اللصوص. وكان يقتل من يتناول التبغ من قبل، فجعل تجارته حرة على أن توضع عليه رسوم فاحشة، وقضى أن لا يؤخذ من الرعايا مسلمين كانوا أم مسيحيين غير المقرر من الجزى والخراج، وقسم المكلفين إلى ثلاثة أقسام يدفع الأول منهم دوكاً واحدة، والثاني دوكاً اثنين، والثالث أربع دوكات، وهذا هو النظام الجديد الذي بقي بعد هذا الوزير