سبي بابل وسميت في العهد القديم يهوذا، وفي العهد الجديد قد تطلق اليهودية على جميع فلسطين وعلى بعض أرجاء شرقي الأردن، ويرى المحققون أن اليهودية كانت تشمل غربي الأردن وجنوبي السامرة.
ولم تكن مملكة إسرائيل بعمرانها وقوتها مثل مملكة فينيقية الصغيرة التي قامت في أرض الشام واشتهرت أكثر من غيرها من الدول الشامية، لأنها كانت دولة بحرية على جانب من الحضارة المقتبسة عن المصريين والآشوريين والبابليين، ومعرفة زائدة بطرق البحار والتجارة في القاصية، فكان الفينيقيون في عهد عظمتهم كالبنادقة في القرون الوسطى ببحريتهم واتساع تجارتهم، أو البريطانيين في القرنين الأخيرين بأساطيلهم وتجاراتهم، مع مراعاة النسبة بين الأقطار والعصور.
والفينيقيون من القبائل السامية التي نزلت أرض آرام أي الشام، وإقليمهم ضيق النطاق طوله خمسون فرسخا وعرضه من ثمانية إلى عشرة فراسخ بين بحر الشام وأعلى سلسلة في جبل لبنان، وتدخل فيه صور وصيدا وأرواد وجبيل وبيروت، ومنهم من أدخل فيه البترون وطرابلس. ولم تكن فينيقية مملكة قائمة برأسها بل كان لكل ناحية مدينة صغيرة تستقل بها، ولها مجالس وملك تحكم نفسها بنفسها، وتبعث بنوابها إلى أعظم مدينة فينيقية لفض المصالح المشتركة. وكانت صور محط رحال النواب منذ القرن الثالث عشر، ولما لم يكن الفينيقيون أمة حربية خضعوا لسطوة الفاتحين من المصريين والآشوريين والبابليين والفرس وأدوا إليهم الجزية عن يد وهم صاغرون.
هذا رأي سنوبوس وقال مسبيرو: إن تحوتمس الثالث تعب في إخضاع بعض
الفينيقيين وقد استكانت مدائن الوسط والجنوب وهي جبيل وبيروت وصيدون وصور من غير قتال، وأخلص أهلها الطاعة لمواليهم الأجانب إلى ما بعد رعمسيس الثاني وكان هذا عين الحكمة والصواب. فقد ترتب على رضاهم بالعبودية أن توصلوا إلى احتكار جميع تجارة مصر مع أمم آسيا والبحر المتوسط ثم نالوا استقلالهم في أواسط القرن الثاني عشر قبل