الأمير علي
وأقام فيها خمس سنين وشهرين تعرف خلالها إلى ملوك طسقانه من أسرة ميديسيس المشهورة في فلورنسة، وأطلع على طرف من المدنية الأوربية ثم عاد إلى وطنه بعد مهلك خصمه والي دمشق فاستلم زمام الأحكام ولا سيما المسائل الحربية، بقوة أعظم وتدبير أحكم، مستصحباً معه كثيراً من المهندسين لبناء القلاع وعمل الذخائر الحربية، وكان ابنه الحاكم في الظاهر وهو الحاكم في الحقيقة، وأخذ يحصن كوره ويكثر الصلات الحسنة مع الفرنج ولا سيما مع الطليان، وعقد معاهدة دفاعية هجومية مع أصحاب طسقانه كأنه ملك مستقل، فخافت الدولة منه وكانت تعده من قبل عاصياً قوي الشكيمة، وأخذت تحاذره وتنظر إليه نظرها لعاص عارف بمقاتلها، وأنه لا بد له يوماً أن يستقل عنها ببلاد الشام، إذ بلغ أتباعه نحو مائة ألف من الدروز والسكبان ولم يستول فقط على الشوف وجبل عاملة بل تعداهما إلى عجلون والجولان وحوران وتدمر والحصن والمرقب وسليمة، وسرى حكمه من صفد إلى أنطاكية وملك نحو ثلاثين حصناً مثل صفد ونيحا وشقيف تيرون وعجلون وقب الياس وبعلبك والمرقب والبترون.
وفي سنة 1021 خرج أحمد باشا بالعساكر من دمشق إلى وادي التيم ونزل في خان حاصبيا وهرب بين شهاب أصحاب وادي التيم منها فهدم دورهم وأتلف أملاكهم ونهب حاصبيا 1022 وفي سنة 1023 خرج الحافظ أحمد باشا من دمشق إلى قب الياس واجتمع إليه حكام صفد وصيدا وبيروت وغزة وحماة وعشائرهم وأمراء الغرب وبعلبك ووادي التيم، فوقع بين أهل الجرد والغرب والمتن وأهل الشوف قتال بقرب نهر الباروك انكسر فيه أهل الغرب والجرد والمتن وعسكر الدولة كسرة عظيمة، فأحرق أحمد باشا قصر بيت معن في دير القمر وكان رئيسهم إذ ذاك الأمير يونس كما أحرق قرية عبيه. ثم جرت وقعة بين جماعته وجماعة من حزب المعنيين على قلعة الشقيف فانكسر جماعة أحمد
باشا وقتل منهم نحو خمسمائة قتيل وأكثرهم من السكبان وكان عسكر الدولة نيفاً وعشرين ألفاً ثم امتنع 1024 يوسف أغا من أن يتسلم حصن الشقيف وحصن ارنون إلى أن يخرج منهما بنو معن أولاد العرب ويتصرف بهما الأتراك تمام التصرف، فشق ذلك على الأمير يونس وأخذ في