أرض إسرائيل أو أرض الموعد لم يبرح تاريخها غامضا بعض الشيء لقلة المصادر التي يركن إليها وأكثرها أشبه بتقاليد وأساطير منها بتاريخ. وهكذا يقال فيما عرف من تاريخ وسط هذا القطر وشماله في العهد القديم. وكان أكثر إماراته مستقلا متعاديا شأن الشطر الجنوبي منها. وإذا لم تكن البلاد كما قال بوست تحت حكم
القضاة والملوك حكومة واحدة كثرت فيها التغيرات وتعددت القضاة كشمشون وجدعون ويفتاح إلى أن اجتمعت كلمة شعب إسرائيل على إقامة ملك، ولما انقضى ملك سليمان وقام ابنه رحبعام انقسمت المملكة إلى مملكتين مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا، وبعد أن تقلبت الأحوال على هاتين المملكتين أخذتا بالانحطاط إلى أن سبي الآشوريون الإسرائيليين والبابليون يهوذا. وجملة الزمن الذي مضى من ملك داود إلى سبي بابل نحو خمسمائة سنة.
كانت الشام بين عاملين بل بين سلطانين قويين العامل، الأول دولة الآشوريين والبابليين إذا قويت إحداهما يمتد سلطانها على الشام أو تكتفي من أهله بالجزية وتجنيد بعضهم. وإذا كانت القوة لفراعنة مصر حكموا الشام أو اقتنعوا من سكانها بالجزية وبعض الجند. وقد ظلت الشام تابعة لمصر وأحيانا كانت تبعيتها اسمية نحو أربعة قرون. فقد فتحها تحوتمس الأول وتحوتمس الثالث، وفي أيام تحوتمس الأول تجلت حدود الشام على الفرات. وظل الشام في حكم الفراعنة إلى عهد رعمسيس الخامس. ولما خلص من المصريين داهمه الآشوريين فاستولوا عليه واعترف الشام كله بسلطة أشور وتجلت سلطة الشام على عهد تغلت فلاسر، وكان المصريون يحتلون بعض القلاع مثل غزة ومجدو تل المتسلم في الداخل وجبيل وصيدا في الساحل على ما ثبت ذلك بالآثار.
كان الفراعنة على الأرجح يداهمون الشام من طريق صحراء التيه والجفار لقلة سفنهم بسبب قلة الأشجار عندهم كما هي قليلة في وادي دجلة والفرات، وربما كان وجود الأشجار في الشام من جملة الأسباب التي حملت