بلذته وسكره،
وإقامته في المقياس بين الصبيان المرد، ويجعل الحكم لوزرائه بما يختارونه، فكان ابن عثمان لا يظهر إلا عند سفك دماء الشراكسة، وما كان له أمان، وكلامه ناقض ومنقوض، لا يثبت على قول واحد كقول الملوك وعادتهم في أفعالهم. وقال أيضاً: إن السلطان سليماً قتل يونس باشا الصدر الأعظم وكان مقرباً جداً عنده ولكن ابن عثمان ليس له صاحب ولا صديق ولا أمان منه لأحد من وزرائه ولا من عسكره ومن طبعه الرهج الشغب والفتنة والخفة، ويحب سفك الدماء ولو كان لولده، ويقال: إنه قتل أباه واخوته، لأجل مملكة الروم، وآخر الأمر إنه قتل يونس باشا لكونه صار له عليه يد قديمة.
وفي الواقع أن السلطان سليماً قتل وزيره حسن باشا في رحيله إلى مصر لأن هذا لاحظ أن في قطع الصحراء هلاك الجيش فضرب السلطان عنقه، ولما غادر السلطان مصر وألف جمل تحمل أمامه منها إلى الأستانة ما غنمه من الذهب والفضة قتل وزيره الآخر يونس باشا في صحراء قطبة والسبب في ذلك أن السلطان اقترب من الصدر الأعظم وهو سائر معه وقال له: أرأيت كيف مصر الآن وراءنا وغداً نبلغ غزة. فلم يتمالك الصدر أن أجاب السلطان: نعم ولكن أي ثمرة حصلت من هذا التعب والمشقة، إن لم يكن هلاك نصف الجيش السلطاني في الحروب ووسط الرمال، وبقيت حكومة مصر بعد هذا في أيدي الخونة. فلما قال الصدر ذلك استشاط السلطان غضباً فضرب عنق الوزير في الحال ودفن في الخان الذي كان أنشأه بين مصر والشام يونس بن عبد الله التركي الدوادار بالقرب من غزة، فدفن يونس باشا في خان سميه يونس الدوادار، وعهد السلطان بالصدارة إلى بيري باشا.
وقال الشرقاوي: إن خير بك لما دفع إلى السلطان سليم مفاتيح مصر ردها عليه وولاه عليها إلى أن يموت فشاوره على أن أبناء الشراكسة يريدون الدخول في
جملة الأجناد فأجازه بذلك، وشاوره في إبقاء أوقاف الشراكسة وهي نحو عشرة قراريط من أرض مصر فأجازه بإبقائها على ما كانت عليه، فتشوش وزيره وقال: فني مالنا وعساكرنا، وتبقى لهم أوقافهم يستعينون علينا بها، فقال السلطان سليم: أين الجلاد وكانت إحدى رجليه في الركاب فضرب عنق