حصن الكرك 685 بالأمان وجهز عسكراً كثيفاً من العساكر المصرية والشامية إلى قلعة صهيون فتسلمها من سنقر الأشقر بالأمان. ثم سار جيش السلطان إلى اللاذقية، وكان بها برج للفرنج يحيط به البحر من جميع جهاته، فركب طريقاً إليها في البحر بالحجارة وحاصروا البرج وتسلموه بالأمان وهدموه وفتح طرابلس 688، وكان البحر يحيط بغالب أطراف هذه المدينة ولا تقاتل إلا من جهة الشرق، ولما نازلها نصب عدة منجنيقات كبيرة وصغيرة وألح عليها بالحصار ففتحها بالسيف، ودخلها العسكر عنوةً بعد حصار 33 يوماً، فهرب أهلها إلى المينا وركبوا في المراكب وقتل غالب رجالها وسبيت ذراريهم، وغنم منهم المسلمون غنيمة عظيمة، وأمر السلطان فهدمت طرابلس ودكت إلى الأرض. وكان في البحر قريباً من طرابلس جزيرة وفيها كنيسة تسمى كنيسة سنطماس وبينها وبين طرابلس المينا، فلما أخذت طرابلس هرب إلى الجزيرة المذكورة وإلى الكنيسة التي فيها عالم عظيم من الفرنج والنساء، فاقتحم العسكر الإسلامي البحر وعبروا بخيولهم سباحة إلى الجزيرة، فقتلوا جميع من فيها من الرجال وغنموا من بها من النساء والصغار - نقلت معظم هذا من تاريخ أبي الفداء، ويقول ميشو: إن المسلمين لما استعادوا طرابلس أهلكوا ساكنيها من الصليبيين إلا قليلاً وأمر السلطان بإحراق المدينة وهدمها وكان فيها مصادر الثروة والرخاء وكل ما يزهو به السلام ويستخدم في الدفاع زمن الحرب فخرب كل ذلك تحت الفأس والمطرقة قال: لما
أنزل الصليبيون عسكرهم على سواحل الشام سنة 1366م واستولوا على طرابلس أوقدوا النار فيها وكان حظ طرطوس واللاذقية وعدة مدن فينيقية مثل ذلك.
ولما فتحت طرابلس كتب محيي الدين بن عبد الظاهر كتاباً يصف هذا الفتح قال فيه: إن الحصار استمر من مستهل ربيع الأول إلى يوم الثلاثاء رابع عشر ربيع الآخر فزحف عليها في بكرة ذلك النهار زحفاً يقتحم كل هضبة ووهدة، وكل صلبة وصلدة، وطلعت سناجق الإسلام الصفر على أسوارها. وكان أخذها من مائة سنة وثمانين سنة في يوم الثلاثاء واستردت في يوم الثلاثاء وفي رسالة أخرى أنها قامت بيد الإفرنج مائة سنة وستاً وثمانين سنة.