وكان الحاكم هذا في جملة تحكماته الباردة على سكان مملكته أن أمر بهدم الكنائس، فهدم كنيسة في دمشق وكنيسة القيامة بالقدس وغيرها من الكنائس العظمى، ونقض بعض الكنائس بيده، وأمر بأن تعمر مساجد للمسلمين، وأمر بالنداء: من أراد الإسلام فلسلم. ومن أراد الانتقال إلى الروم كان آمناً إلى أن يخرج، ومن أراد المقام على أن يلتزم ما شرط عليه فليقم. وبعد أن مضى الحاكم لسبيله اشترط ملك الروم على الظاهر 424 في الهدنة التي عقدها معه أن يعمر الملك كنيسة القيامة ببيت المقدس ويجددها من ماله ويصير بطريركاً على بيت المقدس، وأن تعمر النصارى جميع الكنائس الخراب التي في مملكة الظاهر.
بقي شبل الدولة مالكاً لحلب إلى سنة 429، فأرسل إليه أنوشتكين الدزبري العساكر المصرية، فلقيهم عند حماة فقتل في المعركة، وملك الدزبري حلب، وصفت له الشام بأجمعها، وأباد المفسدين ومهد الأمور، حتى أمنت السبل، وعظم أمره وكثر ماله، وأرسل يستدعي الجند الأتراك، فبلغ المصريين أنه عازم على العصيان فتقدموا إلى أهل الشام بالخروج عن طاعته ففعلوا، فقصد حماة فعصى عليه أهلها، فكاتب محمد ابن منقذ الكفرطابي فحضر إليه في نحو ألفي رجل فاحتمى به وسار إلى حلب 433 وتوفي بعد شهر واحد. وكان أنوشتكين نائب الشام للمستنصر، شجاعاً مقداماً، عظيم الهيبة، حسن السياسة، طرد الأعراب من الشام، وأباد المفسدين ومهد أحوال القطر وفسد بموته الشام وزال النظام، وخرجت العرب في الأقاليم، فخرج أبو علوان ثمال بن صالح بن مرداس الملقب بمعز الدولة بالرحبة وجاء حلب فملكهاً تسليماً من أهلها، وسار 440 ناصر الدولة بن حمدان أمير دمشق وشجاع الدولة جعفر بن كلشيد والي حمص بجماعة من الجند وقبائل العربان من الكلابيين وغيرهم إلى حلب، لقتال متوليها ثمال بن
صالح بن مرداس، فخرج أهل حلب فهزمهم واختنق بالنهر منهم جماعة فرجع بغير طائل، ثم قلد قطز الصقلبي دمشق وقبض على ابن حمدان وصادره واعتقله بصور ثم بالرملة، وقبض على