مصر، وسار أبو تميم فنزل طبرية وأنفذ أخاه عليا إلى دمشق، فامتنع
أهلها عليه ومنعوه الدخول، وكاتب أخاه بعصيانهم، واستأذنه في قتالهم، فكتب أبو تميم إلى متقدميهم من الأشراف والشيوخ، وحذرهم عواقب فعل سفهائهم، فخافوا وخرجوا إلى علي مذعنين بالطاعة ومنكرين لما فعله أهل الجهالة، فلم يعبأ بقولهم وزحف إلى البلد فملكه، وأحرق وقتل وعاد إلى معسكره.
ووافى أبو تميم في غد فأنكر على أخيه ما فعله، وتلقاه وجوه الناس فشكوا إليه ما أظلهم، فأحسن لقاءهم وأمنهم، فسكنوا وعادوا إلى معايشهم. وركب أبو تميم إلى المسجد الجامع في يوم الجمعة بزي أهل الوقار، واجتاز في البلد بسكينة، وبين يديه القراء وقوم يفرقون الدراهم على أهل المسكنة، وصلى الجمعة وعاد إلى القصر الذي نزله بظاهر دمشق، وقد استمال قلوب العامة بما فعله، ثم نظر في الظلامات وأطلق من الحبوس جماعة من أهل الجنايات فازدادوا له حبا، واستقرت قدمه واستقام أمره، وعدل من بعد إلى النظر في أحوال الساحل فهذبها، وولى أخاه طرابلس وصرف عنها جيش بن الصمصامة.
ذكر كل هذا مسكويه، وزاد أن أبا تميم كان مع سياسته مستهترا باللذات، فلم يشعر إلا بهجوم المشارقة والعامة على قصره فخرج من دمشق هاربا، ونهبوا خزائنه وأوقعوا بمن كان معه من كتامة، وعادت الفتنة واستولى الأحداث على دمشق، وثار أهلها مع ما كان فيها من الأولياء المشارقة على ابن فلاح فخرج عن البلد هاربا إلى مصر، وتغلب الأحداث ورأسهم رجل منهم يعرف بالدهيقين، فسارت جيوش الحاكم إلى دمشق مع محمد بن الصمصامة للقاء الدمشقيين والدهيقين، فسار الدهيقين إلى مصر وطلب الأمان. وقال ابن ميسر في حوادث سنة 387: إنه كانت وقعة بين منجوتكين وبين ابن فلاح في الرملة قتل فيها نحو مئة ألف كذا من أصحاب منجوتكين وانهزم ابن الجراح.
وفي سنة 388 وقعت النار في أفامية واحترق ما كان فيها من القوت فسار أبو
الفضائل بن سعد الدولة صاحب حلب في عسكر الحلبيين،