البحر إلى طرابلس ومنها على الظهور إلى أفامية. فكان يوقع للغلمان بجراياتهم وقضيم دوابهم إلى أفامية على خمسة وعشرين فرسخا فيمضون ويقبضونها ويعودون بها. وبنى وأصحابه الحمامات والخانات والأسواق.
وعاد منجوتكين إلى منازلة حلب ومحاصرتها وفتح حصن إعزاز وملك سائر أعمال حلب وولى عليها وبنى حصنا مقابل حلب، وأنجد ملك الروم صاحب حلب
وكان قد استنجده وأرسل إليه ملكوثا السرياني، فقطع المسافة من بلاد البلغار إلى حلب وهي ثلاثمائة فرسخ في بضعة أيام. ولما أقبل الروم أحرق منجوتكين الخزائن والأسواق والأبنية التي كان استحدثها ورحل في الحال منهزما ووافى بسيل فنزل على باب حلب، وخرج إليه أبو الفضائل ولؤلؤ ولقياه، ثم عاد ورحل في اليوم الثالث إلى دمشق وفتح حمص ونهب، ونزل على طرابلس فمنعت جانبها منه، فأقام نيفا وأربعين يوما فلما أيس منها عاد إلى الروم، وعاد منجوتكين غازيا إلى إنطاكية، ثم سار إلى حلب ورحل عنها إلى أنطرطوس، وقاتل الحصن أياما وسار عامل الروم إلى أنطرطوس ليدفع عنها، وأرسلت مصر أسطولا مؤلفا من أربعة وعشرين مركبا مشحونا بالرجال فكسر الأسطول بريح عاتية، وخرج رجال المراكب إلى البر، فانهزم منجوتكين وجميع عسكره وخرج المقيمون في أنطرطوس وأخذوا ما سلم من المراكب وأسروا من رجالهم خلقا.
ظن بعد انصراف ملك الروم عن الشام ورجوع الحمدانيين إلى حلب أن الدولة الفاطمية يطمئن بالها، وما كان يجول في الفكر أن ينقلب عليها أحد قوادها الذي كانت اصطفته ليدفع عن القطر ما يتهدده من الشر وأعني به منجوتكين. فقد عصى على خليفته وأراد أن يستنجد الروم فلم يلتفتوا إليه، فندب الخليفة العساكر من مصر لقتاله وقدموا أبا تميم بن جعفر عليها، وأمدوه من الأموال ما أسرفوا فيه، وسار أبو تميم من مصر، ورحل منجوتكين من الرملة بعد أن ملكها. والتقى الجيشان بعسقلان وتواقعا فأجلت الوقعة عن هزيمة منجوتكين وأصحابه، فأسر وحمل إلى