إليهم طباره جي، فقتل منهم مقتلة عظيمة.
ثم سار أبو الجيش خمارويه لقتال ابن كنداج، ثم اصطلحا وتظاهرا وكاتب خمارويه أبا أحمد الموفق في الصلح فأجابه إلى ذلك، وكتب له كتاباً بولاية خمارويه وولده ثلاثين سنة على مصر والشامات، أي أنه ولاه من الفرات إلى برقة، فأمر خمارويه بالدعاء لأبي أحمد الموفق، وترك الدعاء عليه بعد أن كان خلعه أبوه من ولاية عهد الخلافة. ثم بلغ خمارويه مسير محمد بن أبي الساج إلى أعماله الشمالية، فخرج إليه ولقيه في ثنية العقاب من دمشق فانهزم أصحاب ابن أبي الساج وثبت هو، فحاربه حتى هزمه أقبح هزيمة، واستبيح عسكره قتلاً وأسراً، واتبعه جيش إلى الفرات. وفي ذلك يقول البحتري:
وقد تولت جيوش النصر منزلة ... على جيوش أبي الجيش بن طولونا
يوم الثنية إذ ثنى بكرته ... خمسين ألفاً رجالاً أو يزيدونا
وفي أيام خمارويه بن طولون استقامت شؤون الديار المصرية، ومع أن أيام
المعتضد العباسي كانت أيام فتوق فقد حمدت سيرته. وليَ والدنيا خراب، والثغور مهملة، فقام قياماً مرضياً حتى عمرت مملكته، وكثرت الأموال، وضبطت الثغور، وكان قوي السياسة، شديداً على أهل الفساد، حاسماً لمواد أطماع عساكره عن أذى الرعية، محسناً إلى بني عمه من آل أبي طالب. وفي سنة 282 ذُبح أبو الجيش خمارويه في دمشق على فراشه، ولما بلغ المعتضد ذلك قتل من خدمة الذين باشروا قتله نيفاً وعشرين خادماً. وكان مقتل خمارويه في قصره بسفح قاسيون، بعد أن فتح الشام كله، ولم يسع الخليفة إلا إقراره على عمله والاكتفاء بمال يحمل إليه في بغداد، وخلفه ابنه جيش بن خمارويه فخلعه طغج بن جف أمير دمشق سنة 283 واختلف جيش جيشٍ عليه لتقريبه الأرذال وتهديده قواد أبيه، فثاروا عليه وقتلوه، ونهبوا داره ونهبوا مصر وأحرقوها، وأقعدوا هارون بن خمارويه في الولاية، وعصى هارون بن خمارويه على الخليفة، وبعد حروب