خطط الشام (صفحة 169)

وسبيه ونهبه، على نحو ما ارتكب العمال قبله في المتوثبين على العمال من أهل حمص.

وأهم الأغلاط التي ارتكبها المعتصم إدخال الأتراك في جنده، فكان الاعتماد عليهم في الجيش العباسي كالاعتماد على أهل خراسان الأعاجم لأول الفتح من أهم

الدواعي في إغضاب العرب، فأدى هذا الإيثار إلى نزع الحكم من العباسيين، حتى دخل الوهن بدخول الأتراك على الدولة، فآضت الخلافة العباسية بصنيعهم اسمية دينية فقط لا تتعدى قرى بغداد إلا قليلاً، وغدا الحكم الفصل لمن قويت شكيمته من الدخلاء واستجاش الأنصار والأعوان. وبعد أن كانت بغداد ترسل إلى الشام أولاد خلفائها وأعاظم قوادها من الأصول أصبحت ترسل إليها من الفروع أفريدون التركي وخاقان التركي ومحمد المولد من الموالي فظهر الفرق في صورة الحكم، لأن الحكم كان في الغالب فردياً لا علاقة للجماعة به إلا إذا أحبّ صاحب الأمر استشارة أهل الرأي استشارة خاصة ودية وله الحرية أن يعمل بما ارتأوه، ولا أحد يكرهه على قبول رأيه. فمن ثم اقتضى أن يكون العامل في الغاية أصالة ونبالة وعلماً ونزاهة.

أفضى هذا التساهل مع الأعاجم والاعتماد عليهم، إلى جر البلاء على الخلفاء من بني العباس، وبعد أن كانت وصية إبراهيم الإمام الذي مات في سجن مروان الجعدي إلى أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة: انظر إلى هذا الحي من اليمن فالزمهم، واسكن بين أظهرهم، فإن الله لا يتم هذا الأمر إلا بهم، واتهم ربيعة في أمرهم، وأما مضر فإنهم العدو القريب الدار، واقتل من شككت فيه وإن استطعت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار واتهمته فاقتله أصبحت تفتح للأتراك أبواب دار الخلافة ولكل دخيل على العرب ولم يعد حكم لقيس ولا يمن بل للأعاجم من الفرس والترك والديلم. وفي أيام المأمون نشأت الدعوة الشعوبية أي الحط من قدر العرب وتفضيل العجم عليهم، فتبدلت روح الدولة، وأخذ العربي يبغض العجمي والعجمي ينال من العربي، منذ كانت السلطة لأبناء خراسان، أما بدخول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015