ويضربونها حيث نزلوا لرعية ماشيتهم، يحملون معهم أثاثهم وخرثيهم ودوابهم ومؤونتهم، وهم شاوية يقومون على تربية الشياه والعنز ويربي بعضهم الأباعر، والشاوية من الأسماء التي تطلق على عشائر دير الزور على الفرات خاصة لأنهم جماعة شياه. ومعاش البدو من مواشيهم وما تدر عليهم من السمون والألبان والأجبان والزبد وما يبيعون من نتاج قطعانهم، أو من غزو بعضهم بعضاً إن كانوا أشراراً على الفطرة لم تدمث أخلاقهم قليلاً بالاحتكاك بالمتحضرين، وإذ كان سكان البادية على هذه الحالة من التنقل وأكثرهم يوغل في الشياء إلى وسط ديار العرب انتجاعاً للكلأ والماء، أصبح من المتعذر أن تنشأ لهم حالة ثابتة يتأتى معها وصف كل قبيل منهم في عاداته وأخلاقه.
وعرب الشام من أصول شتى وقد تتغير أسماء قبائلهم مهما عظمت قي كل قرن أو قرنين، فقد تغيرت أسماء القبائل التي كانت معروفة بدخول الإسلام الشام، في القرن الثالث أو الرابع، وما عرف من أسمائها في القرن الثامن أو التاسع تبدل في القرن الحادي عشر، وهكذا تتبدل أسماء العائلة تبعاً للمتأمر عليها، وقد تسمى القبيلة كلها باسم أميرها أو شيخها. والعشائر كلها تنقسم إلى أفخاذ وبطون، والإمارة أو المشيخة ترجع على الأغلب لمن كان له أصل قديم من بيته، أو من كان أذكى قومه جناناً، وأبسطهم بالكرم يداً، وأشجعهم يوم النزال قلباً، واصلبهم في الحوادث عوداً، ثم تنتقل بالوراثة.
وغزو القبائل بعضها بعضاً يحول دون بقاء الثروة الناطقة والصامته فيهم، فقد
تكون القبيلة اليوم في الغابة من طيب العيش، ناعمة البال بحلالها أي ماشيتها، فتغزى من الغد في عقر دارها، فلا تلبث أن تصبح أعرى من مغزل لا بد لها ولا لبد. دع ما يصيبها من نقص في الأنفس، فقد كان من النادر أن تجد رجلاً بلغ أقص سن الشيخوخة لأنه يعتبط في الغزوات، ويقتل في سن الفتوة غالباً. والحكومات الشامية اليوم تحظر على القبائل الغزو، وهم يخافون سطوتها لمكان السيارات ورشاشاتها في الأرض، والطيارات وقذائفها في الجو، وتحاول كل حكومة أن تعطي البادية أرضاً تزرعها لتأوي