الأعياد إخراج الصدقات والزكوات والتوسيع على الفقراء، وتكثر الزيارات ويتصافح القوم عما بينهم من سيئات، ويصلون أرحامهم ويوسعون على عيالهم. وعادتهم في ذلك أن يبدأ الأصغر سناً بزيارة الأكبر، ويقدم الأكبر سناً ويحترم في كل شيء. ومنشأ ذلك على ما أعلم الأمية فإن غلبة الأمية على قوم تضطرهم إلى احترام من كان أكثر تجربة منهم، ومن مرت عليه السنون، وحلب الدهر أشطره وكثرت تجاربه، كان جديراً بالاحترام. أما اليوم
فحقيق بالاحترام من يقدم الخدم النافعة لأمته، وليس للسن دخل في ذلك. وخير الناس كما قيل أنفعهم للناس.
ويتقدم عيد الفطر شهر رمضان، وللدمشقيين فيه عادات: منها إتمام فريضة الصيام، والانقطاع عن بعض عادات ضارة، ويقضون نهاره في سماع المواعظ في المساجد، وليلة في زيارات بعضهم بعضاً، وارتياد محال اللهو المباح، وتكثر حركة الأخذ والعطاء والبيع والشراء، وهو من المواسم المذكورة.
أما حفلات الحج في هذا العصر، فتتم حين رجوع أحدهم من بعد أداء فريضة الحج بأن يقدم إلى خواص ذوي قرباه وجيرانه وأصدقائه وأحبابه هدية، وتختلف هذه الهدية بحسب مقدرته المالية، ويبتدئ المهنئون بزيارته في داره، ويقدم له خواص أصدقائه وأقربائه قبل وصوله إلى وطنه هدايا تكون غالباً من اللباس الفاخر، ويكون مثل ذلك بعد رجوع أحدهم من زيارة مسجد الرسول. وتختم هذه الزيارات غالباً بإقامة حفلة يدعونها مولداً وهي عبارة عن اجتماع يضم أصدقاء المحتفى به وذوي قرباه وزملاءه وجيرانه في داره، ويدعون المنشدين ويفتتحون بتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم وينشدون بعض قصائد في مديح الرسول يتلون المولد النبوي فيه وتعداد بعض مآثره ونسبة وبعض إرهاصات تقدمت بعثته، وحين مولده، يقصدون من ذلك التبرك.
ومثل ذلك حفلة الختان ومن المتعارف فيها أن يهدي إلى صاحب الحفلة أهلة وأصدقاؤه شيئاً كثيراً من السمن والأرز والغنم والقهوة، بل من جميع ما يلزم لتلك الحفلة، ويكون ذلك ديناً عليه وفاؤه، حين إقامة حفلة مثلها