رجالهم الصالحين للقتال أربعين ألفاً على ما ذكر مؤرخو الحروب الصليبية. وقصد فريق منهم سورية الداخلية فاستوطن جوار دمشق واستغل الأرض فيها وبني الدساكر والمرابط. وفريق أم
القدس وآخر نزح إلى قبرس في أيام الصليبيين وبعض الأسر سكنت حلب في أواسط القرن الخامس عشر وهبط بعضهم مصر ورودس ومالطة. على أن الأغلب فضلوا الإقامة في جبال لبنان فاعتصموا بها ونموا وكثروا رغم ما أصابهم من النكبات في أوقات مختلفة. ولما ضاق بهم جبلهم رحل قسم منهم إلى بلاد المهجر كأمريكة وإفريقية وأوقيانية حيث ألفوا جاليات لها مقامها المعتبر في عالم التجارة والصناعة والأدب كسائر إخوانهم اللبنانيين والسوريين، وبلغ عدد الموازنة ويدخل فيه المهاجرون خمسمائة ألف نسمة.
أما في الدينيات فيتفق الموازنة من الكاثوليكيين بمعتقدهم وشرائعهم الدينية والأدبية وهم مثلهم خاضعون لسلطة بابا رومية، وإنما لهم وللسريان لغة طقسية واحدة هي السريانية لكنهم يختلفون عن سائر الطوائف بترتيباتهم ونظام إدارتهم الروحي المبينة كلها في دستورهم المجمع اللبناني الذي عقد سنة 1736 وفي عاداتهم المشروعة، ويرأس الطائفة بطريرك يعرف ببطريرك إنطاكية مستقل عن سائر البطاركة الشرقيين مركزه الشتوي دير سيدة بكركي فوق جونية ومقره الصيفي جديدة قنوبين لبنان الشمالي فوق طرابلس. ويخضع لإدارته مطارنة يقيم بعضهم نوباً له بعضاً على أبرشيات معينة مستقل بعضها عن بعض، ويعهد إليهم في تدبير هذه الأبرشيات الروحي والزمني وإدارة أوقافها مباشرةً أو بواسطة وكلاء يسمونهم لذلك ويراقبون أعمالهم، وفي الأبرشيات كهنة يعنون بخدمة الرعايا. وفي الطائفة جمعيات رهبانية يقيم أعضاؤها في أديارهم ومدارسهم ويتفرغون لخدمة الله والنفوس.
وكان للموازنة شرع خاص يتقاضون بموجبه أقره لهم جميع الذين حكموا القطر من النصارى وغيرهم، ولا تزال أغلب قوانينه مرعية الإجراء عندهم حتى اليوم.
ونبغ منهم في رجال الدين كثيرون نذكر منهم البطاركة جرجس عميرة الذي ألف
أول غراماطيق سرياني ووضع قواعده بالغة اللاتينية ليسهل على