وقد طعن اليهود في أصلهم فقالوا عنهم كوتيين ونعتوهم بأنهم وثنيون وأن لهم صنماً اسمه أشيما نكايةً وتغرضاً. وانتقاماً. وقد كان اليهود في عهد الحكم الروماني والفارسي كثار العدد. وكان لهم يد كبرى في الثورات الوطنية التي كانت تنشب من حين إلى آخر، وقد أفنت هذه المنازعات عدداً كبيراً. فلما دخل
العرب فلسطين أخذ السامريون يدينون بالإسلام فيقل عددهم رويداً رويدا إلى أن أصبحوا طائفة قليلة جداً ربما لا يتجاوز عددها الآن مائتي نفر ذكوراً وإناثاً كباراً وصغاراً. وقد اقتبسوا من المسلمين واقتبس المسلمون منهم في نابلس على توالي الأيام كثيراً من العادات واللهجات. وهم الآن يتكلمون بالعربية النابلسية العامية. وقليل منهم يعرف العبرانية كما أن عبرانيتهم قديمة بينهما وبين عبرانية اليهود اختلاف بين وإن متت اللغتان إلى أصل واحد. ولا يزال أصل بعض الأسر المسلمة في نابلس معروف النسبة والأرومة في الطائفة السامرية.
ينعت السامريون أنفسهم بالمحافظين لأنهم حافظوا ولا يزالون يحافظون على أدق شعائر العبادات والشريعة دون تأويل ولا انحراف. ويزعمون أن التوراة التي في أيديهم أصدق وأقدم توراة وأنها بخط أبيشع فينحس ابن العزر بن هرون نقلها أبيشع عن المدرج الذي كتبه بيده موسى عليه السلام. وتوراتهم هذه مدرج طويل من الرق له أسطوانة مفضضة محفوظة في معبدهم تكاد تكون سلوتهم الوحيدة في هذا العالم الذي أصبحوا فيه غرباء عن كل اُمَمِهِ وأثرها تاريخياً أكثر مما هو شعي حي. وهم يزعمون أن توراة اليهود قد فقدت مراراً وحرقت كثيراً وأن التوراة التي بين أيدي اليهود ملفقة بالظن والحدس على غير أساس، وأن اليهود عدا ذلك قد تسامحوا بكثير من مظاهر الدين وأولوا نصوص الشريعة فصار بينهم فروق كثيرة. وفي أيدي السامريين كتب جدلية كثيرة في تثبيت طريقهم والطعن في طريقة اليهود وتفسيراتهم وتأويلاتهم.
وأول خلاف نشأ بينهم وبين اليهود خلاف القبلة. فالسامريون يعتبرون جبل جرزيم الجبل المقدس والمحل الذي أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده عليه والذي أمر يوشع من قبل موسى بإقامة الهيكل فيه ويقررون أن عيد