خطط الشام (صفحة 1305)

كتبهم. ولما ملك بطلميوس بطولوماوس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية فحص عن كتب العلم فعهد إلى رجل اسمه زميرة فجمع من ذلك على ما حكي أربعة وخمسين ألف كتاب ومائة وعشرين كتاباً. وقال له: قد بقي في الدنيا شيء كثير

في السند والهند وفارس وجرجان والأمان وبابل والموصل وعند الروم. وذكروا أن النعمان ملك الحيرة أمر فنسخت له أشعار العرب في الطنوج أي الكراريس فكتبت له ثم دفنها في قصره الأبيض، فلما كان المختار ابن عبيد قيل له: إن تحت القصر كنزاً فاحتفره فأخرج تلك الأسفار. قالوا: فمن ثم كان أهل الكوفة أعلم بالأشعار من أهل البصرة. وبلغ من عناية ملوك الفرس بصيانة العلوم، وحرصهم على بقائها على وجه الدهر، وإشفاقهم عليها من أحداث الجو وآفات الأرض، أن اختاروا لها من المكاتب أصبرها على الأحداث، وأبقاها على الأيام، وأبعدها عن التعفن والدروس، فكتبوا في لحاء شجر الخدنك، ولحاؤه يسمى التوز، وكانت تعمل منه القسي، وبهم اقتدى في ذلك أهل الهند والصين ومن يليهم من الأمم.

ولما حصل الفرس العلوم طلبوا لها من يفاع الأرض أصحها تربة وأقلها رطوبة، وأبعدها من الزلازل والخسوف، وأعلكها طيناً، وأبقاها على الأيام بناء، يقيمون فيها خزائنهم ودور كتبهم فاختاروا مدينة جي من عمل أصفهان جعلوها في قنهندرز أي حصن، فانهارت هذه المصنعة في الإسلام فظهروا فيها أزج معقود من طين الشقيف، أي بيت مستطيل من الخرف، فوجدوا فيها كتباً كثيرة من كتب الأوائل مكتوبة كلها في لحاء التوز بالكتابة الفارسية القديمة، وقالوا: إن الفرس كانوا يودعون كتبهم في سارويه، أحد الأبنية الوثيقة القديمة المعجزة النباء، وتشبه الأهرام في الجللة وإعجاز البناء، وكانت الكتب على صفحة صفحة أي من وجه واحد.

هذا ما يؤخذ من كلام ابن النديم وغيره في منشأ الكتب عند القدماء، ومع هذا لم تحفظ لغات الأقدمين لولا ما وجد منها مكتوباً على الأحجار، وكان بعض تلك اللغات اندثر في القرون الأخيرة حتى لا يحلها إنسان، مثل اللغة الهيروغليفية لغة

قدماء المصريين المقدسة فعثروا في رشيد من ثغور مصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015