خطط الشام (صفحة 1304)

دور الكتب

نشأة الكتب:

عرفنا من سير القدماء أنهم كانوا يقيدون علومهم ومآثرهم وتواريخهم وأيامهم في صنوف من المواد، تكون على مقربة منهم، وتكثر في أرضهم وديارهم. فالبابليون كتبوا كتبهم على الآجر أي بالطين المشوي، وكتب الهنود على النحاس والحجارة والحرير الأبيض والطومان المصري، والعرب عمدوا إلى أكتاف الإبل واللخاف، أي الحجارة البيض والرقاق وعسب النخل. وبقي الأمر على ذلك حتى شاع الورق المعمور من الكتان في خراسان وسمرقند وبغداد ودمشق، منذ القرن للهجرة على ما يظهر.

ولما شاع الورق قضي على الرق لسهولة تناول القرطاس والمهرق، وهي الصحيفة البيضاء يكتب فيها. وكان من الحرير الأبيض ما يسقى الصمغ ويصقل ثم يكتب فيه، وقد اعتمدوا عليه قبل القراطيس بالعراق، وكتب بعض أهل الغرب في صفائح من معدن رقيق. وكان أهل فرغامة في الروم أول من استنبطوا الرق، كانت له تجارة رابحة بارت بظهور الورق، وكانت الكتب في العراق تجعل في جلود دباغ النورة أي الكلس، وهي شديدة الجفاف، ثم كانت الدباغة الكوفية، تدبغ الجلود بالتمر وفيها لين ولا رائحة لها.

ولما فتح الإسكندر فارس كان العلم منقوشاً مكتوباً في صخور وخشب، فأخذ حاجته منها وأحرق الباقي. ولما تولى أردشيربابك وابنه سابور على فارس والعراق جمع مل تفرق من الكتب فيهما، واستنسخ من الهند والصين والروم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015