انقضاء أمر بني مروان، يربو عليها الصغير ويهرم الكبير. ولم يكن يزيد بن عبد الملك بالخليفة الذي تحمد سيرته كثيرا، وتوفي بعد أن تولى الخلافة أربع سنين وشهرا وعهد بها إلى أخيه هشام وهو عاشرهم، وكان هشام يحب جمع المال وعمارة الأرض واصطناع الرجال وتقوية الثغور وإقامة البرك والقني في طريق مكة وغير ذلك. وكان لا يدخل بيت ماله مال حتى يشهد أربعون قسامة لقد أخذ من حقه وأعطي لكل ذي حق حقه. وظهر في أيامه بخراسان سليمان بن كثير الخزاعي وأصحابه يدعون إلى بني هاشم سنة 111 فانتشرت دعوتهم وكثر من يجيبهم، وأرادوا خلع بني أمية وبيعة بني هاشم، فقاتلهم وقاتل الخوارج على ملكه في أقطار أخرى، وكان قد بلغ ملك بني أمية فارس والسند وشمالي إفريقية والأندلس.
وغزا هشام وهو من أحزم بني أمية الروم مرات وأسر قسطنطين ملكهم وحارب الترك كما حاربهم من قبله من الخلفاء وتوفي سنة 125 فبويع بعده للوليد بن يزيد فاضطربت المملكة في عهده، لأنه كان مهملا قليل العناية بأطرافه وقيل: إنه كان صاحب ملاهٍ وضم ذلك إلى ما ارتكبه من إغضاب أكابر أهله والإساءة إليهم وتنفيرهم فاجتمعوا عليه مع أعيان رعيته وهجموا عليه وقتلوه بعد سنة وخمسة أشهر من ولايته وكانت تتابعت منه فعال أنكرها الناس عليه فدب يزيد بن الوليد في الدعاء إلى خلعه فأجابته اليمن بأسرها وعاضدوه ووثبوا معه على عامل الوليد بدمشق فأجابوه وبايعوا يزيد ثم ساروا إلى الوليد فقتلوه.
وكان اجتمع من بأقطار الشام من اليمانية فخرج إليهم الوليد بمضر واقتتلوا،
وأثخنت اليمانية القتل في مضر فانهزمت مضر وأخذوا نحو دمشق، ودخل الوليد قصره فتحصن فيه فبايعوا يزيد بن الوليد وبايعه أشراف المضريين طوعا وكرها وخلعوا الوليد بن يزيد فلبث مخلوعا أياما كثيرة وهو خليع بني أمية ثم قتلوه.
وفي سنة 126 اضطرب أمر بني أمية وهاجت الفتنة، فكان من ذلك وثوب سليمان بن هشام بن عبد الملك بعد قتل الوليد بعمان، وكان قد حبسه الوليد بها، فخرج من الحبس وأخذ ما كان بها من الأموال وأقبل