كالعطور والأبازير الفلفل وجوز الطيب والزنجبيل والنيلة والعاج والأحجار الكريمة وثياب الصوف والحرير والعبيد السود والحيوانات النادرة ولا سيما القرود فكانت تجلب إلى الإسكندرية من طريق البحر الأحمر أو في النيل وتأتي إلى إنطاكية من طريق الخليج الفارسي وبادية الشام مع القوافل.
يقول بيرين المؤرخ البلجيكي في كتابه محمد وشارلمان: لقد عظم نفوذ الشاميين من وراء الغاية في رومية جاءوها بكثرة وكان عدة من الباباوات من الشاميين كما كان بعض أباطرة رومية من أصل شامي وإلى الشام تصل قوافل الهند والصين وبلاد العرب وكان الشاميون يومئذ رجال البحر على نحو ما صار الهولنديون في القرن السابع عشر وبواسطتهم تصدر الأبازير وأعمال الصناعة من المدن الكبرى في الشرق كإنطاكية ودمشق والإسكندرية الخ وكنت تراهم في كل الفرض البحرية كما كنت تجد منهم جاليات في داخل البلاد. وكان لهم على عهد ملوك الرومان منازل في إسكندرية ورومية وإسبانيا وغاليا وبريطانيا العظمى حتى مدينة كارنونتوم على نهر الدانوب. ثبت ذلك بنصوص العاديات التي عثر عليها. وفي القرن السادس كثر المشارقة في جنوبي غاليا وكان منهم من يستوطنها ولا سيما في الجنوب من أرجائها وكان سكان أربونة في سنة 589 من القرط والرومان واليهود واليونان والشاميين. وكثر سواد الشاميين في نابل
وفي جوار باريز. قال: وكانت الميناء التي نعرفها أكثر من غيرها مرسيلية ويظهر أنها كانت فرصة كبرى منوعة السكان ويبين عن مكانتها تنافس الملوك في الاستيلاء عليها عند تقسيم الإمبراطورية الرومانية وقد كثر فيها اليهود والشاميون والروم والقوط.
فالتدمريون ومن قبلهم النبطيون عُنوا بالتجارة جد العناية، لأنها مورد معاشهم وعلة حياتهم، لضعف الزراعة في كُوَرهم، فكانت القوافل على عهد ارتقاء تدمر تحمل إليها من جزائر العرب الذهب والجَزْع واليشب واللبان والصمغ والصبر وعود الند، ومن العراع اللؤلؤ، ومن الهند أنواع المنسوجات والقرنفل والبهار والحرير الصيني والنيل والضجاج والفولاذ والعاج والآبنوس. كل هذا يأتيهم من طريق القوافل في البوادي والقفار فيحملونه إلى رومية عاصمة الرومان. أما الأرفاق التي تأتيهم من البحر فكانت دون ذلك قاله رنزفال.