ولكن الفاتحين من العرب بعد فتحهم أغلب آسيا وإفريقية وعاصمتهم دمشق هادتهم الملوك، وأغلب هداياهم هي الجواهر الكريمة والذهب حتى امتلأت منها خزائنهم، وكان الخلفاء منهم يهدون منها القواد والأمراء والأطباء والشعراء والعلماء والفقهاء
فكثرت في أيديهم وزادت بطبيعة الحال في أيدي الصاغة، وتنافسوا في إتقان تلك الصناعة حتى صارت كما ترى اليوم في أعلى درجات الارتقاء.
ويمكن ن يعد في جملة الصياغة طبع الدراهم وضرب الدنانير من النقرة المذابة من الذهب والفضة، فإن الشام كانت من أول الأقطار التي طبعت فيها السكة الإسلامية، وكانت الدنانير تضرب في الجاهلية بأيلة على البحر الأحمر، وفي متاحف دمشق وأوربا نقود ضربت في دمشق وحمص وإيليا وإنطاكية وبعلبك وطبرية أيام عمر سنة 17 وعليها كلها رسم ملوك الروم ثم اسم المدينة بالعربية واليونانية.
وكان لهم مهارة في معرفة البهرج والزيوف من النقود الصحيحة ويذهب بعضهم إلى أن الإكسير إذا أُضيف مثقال منه على ألف قنطار من الحديد يستحيل ذهباً خالصاً، ولم يثبت ذلك من طريق الكيمياء وما برح الأحمران الذهب والفضة معدنين خاصين، ويمكن أن يعد في جملة هذه الصناعة صناعة لصق المينا بالمعدن ومنها نموذج في دار الآثار بدمشق. وفي التاريخ العام أن معامل الشام كانت تصنع الخرز والآنية الذهبية ذات الميناء، أما صناعة الجواهر والصياغة فإن ما بقي منها يدل دلالة كافية على رقي العرب في صنعها. وكانت العرب تحسن قطع الأحجار الدقيقة ونقشها بالرسوم وزبرها بالصور.
واشتهرت بيت لحم والقدس بصناعة الصدف يعملون منه الصناديق الصغيرة لوضع أدوات الزينة، والمسابح والصلبان والدبابيس والدويّ والمقاطع ورسوماً وطيوراً وحيوانات الفيل والأرنب، وما يصنع من خشب الزيتون أشكالاً دليل على رسوخ الصناعة، وتباع في الغرب كميات كثيرة منها، لما فيها من دقة الصنعة وجمال الأسلوب والتفنن في الوضع والشكل، ويتنافس الغربيون في