الصياقلة في صنعها، وقد عرفت بصفاء مائها، واخضرار لونها، وإرهاف حدها، ولطف فرندها، وكانت تكتب عليها آيات وأشعار بماء الذهب، وكذلك على الخناجر والرماح، عرفها الصليبيون في القرون الوسطى ونسبوها إلى دمشق وغدوا يفاخرون بتقلدها ولا مفاخرة العرب بالسيوف اليمانية والرماح السمهرية. وصناعة تنزيل الذهب على السيوف والخناجر والمدى والبنادق كانت من أهم الصناعات الدمشقية ويحسب أربابها من أهل اليسار ويعدون اليوم على الأصابع ولا يسع المنصف إلا أن ينحني إعجاباً أمام جمال هذه الصناعة. وقد نقل الفاتحون من العرب إلى الأندلس صناعة صقل السيوف وهي الصناعة التي نسبت إلى دمشق حتى اليوم فقيل لها بالإفرنجية أو أي تنزيل الذهب والفضة في الفولاذ وقد اشتق منه الفعل عندهم
وكانت تعمل السيوف في زحلة والشوير ودومة من عمل لبنان وتعمل النبال الفائقة في عمتا من بلاد الغور. وكانت الدروع تسرّد بيد الدارعين والخوذ والسابرية تصنع في دمشق خاصة. ويعمل من الحديد كل ما يلزم من الطبر
والخناجر والمرادن والمغازل والصنارات والأسياخ والعقافات والقيود والزرد والمباضع والمبازغ والمشارط والآنية، يطرق كل ذلك في كيرة الحدادين وسنداناتهم ويضرب بمطارقهم، وكانت وافية بالغرض.
ومن أهم أعمال صناعة النحاس في دمشق حلقة باب المدرسة الخضيرية في حي الخضيرية وكذلك الحلقتان اللتان على بابي المستشفى النوري. والأولى من القرن الثامن والحلقتان الأخريان من القرن السادس وهي آية الإبداع والمتانة وفي هذا البيمارستان أبواب من خشب من عصر صلاح الدين عليها مرايا المفاتيح على طرز الغرب إذ ذاك. وفي مستودع الجامع الأموي بقايا النحاس الذي كان على باب جيرون من أبواب الجامع تصور للمرء نموذجاً من إتقان النحاسين والحدادين لصناعتهم في القديم. وفي بعض مدارس حلب حلقات قديمة من هذا القبيل تدل على مبلغ صناعها من الحذق وفيها أبواب من الحديد صنعت لبعض البيوت والمدارس القديمة آية الجمال الصناعي. ومن صناعة الحديد أمثلة كثيرة مثل أبواب بعض خانات دمشق كخان الحرير وخان أسعد باشا